المقالات

الشيخ (النقشبندي).. كروان الإنشاد الديني

قارئ القرآن والمنشد الديني المصري “سيد النقشبندي”، الملقب بـ”كروان الإنشاد الديني”، صاحب مدرسة متميزة في الابتهالات، من مواليد يناير 1920م، بقرية دميرة في محافظة الدقهلية. انتقل مع أسرته إلى مدينة طهطا في محافظة سوهاج بصعيد مصر، وهناك حفظ القرآن الكريم، وتعلّم أصول وقواعد الإنشاد الديني. ذاعت شهرته بين الناس بسبب صوته العذب وإحساسه المُعبّر.

تغيّرت حياة الشيخ “سيد النقشبندي” في عام 1965م، وذلك بعد لقائه بالإذاعي الكبير “أحمد فراج” في مسجد الحسين بالقاهرة، حيث سجّل معه “فراج” في برنامجه الشهير في رحاب الله. وبمرور الوقت، نشأت بينهما صداقة، قام بعدها بتسجيل العديد من الأدعية والابتهالات الرائعة في الإذاعة المصرية.

قدّم الشيخ النقشبندي خلال مسيرته ما يقرب من 40 ابتهالًا، وتعاون خلالها مع عمالقة التلحين والموسيقى في تلك الفترة، من أشهرهم: سيد مكاوي، وبليغ حمدي، وحلمي أمين، وغيرهم.

ومن أعظم ابتهالاته “مولاي”، والتي تقول كلماته:

مولاي إني ببابك قد بسطت يدي… من لي ألوذ به إلاك يا سندي

أقوم بالليل والأسحار ساهيةً… أدعو وهمس دعائي بالدموع ندي

ولهذا الابتهال قصة غريبة؛ إذ تم تنفيذه بأمر من الرئيس المصري الراحل “أنور السادات”، حيث كان من عشّاق صوت الشيخ النقشبندي، وتربطه به علاقة طيبة. ففي حفل خطوبة إحدى بنات الرئيس، التقى النقشبندي بالموسيقار الكبير “بليغ حمدي”، وعندما رآهما الرئيس معًا في الحفل، طلب منهما التعاون.

أبدى الشيخ النقشبندي دهشته واستغرابه من طلب الرئيس السادات، في الوقت الذي شعر فيه الملحن بليغ حمدي بسعادة غامرة، لأنه من عشّاق صوت الشيخ.

حاول الشيخ النقشبندي الاعتذار في البداية، واستعان على ذلك بصديقه الإعلامي المصري الكبير “وجدي الحكيم”، لكن المفاجأة كانت أن صديقه وجدي شجّعه على التعاون مع الموسيقار بليغ حمدي.

بعدها، ذهب الشيخ النقشبندي برفقة صديقه الإعلامي وجدي الحكيم إلى منزل بليغ حمدي، ومعهما كلمات الابتهال التي كتبها الشاعر الغنائي “عبد الفتاح مصطفى”، وعندما سمع الشيخ النقشبندي اللحن، أُعجب به كثيرًا لدرجة أنه وصف بليغ حمدي حينها بـ”الجنّي”.

سافر النقشبندي إلى عدد من الدول العربية بدعوات رسمية، كما أدّى فريضة الحج خمس مرات. ونال العديد من الجوائز والأوسمة، منها: تكريمه من الرئيس السادات عام 1979م بمنحه وسام الدولة من الدرجة الأولى بعد وفاته، كما كرّمه الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك عام 1989م بمنحه وسام الجمهورية من الدرجة الأولى.

رحل الشيخ النقشبندي عن عالمنا في 14 فبراير عام 1976م، عن عمر يناهز 55 عامًا، إثر أزمة قلبية، بعد أن ترك لنا إرثًا ضخمًا من تسجيلات الابتهالات والأناشيد الدينية، التي من أشهرها: مولاي، ربي هب لي هدى، سبحانك يا رب، رسولك المختار، وغيرها من الأعمال الخالدة.

رحم الله الشيخ النقشبندي، وأسكنه فسيح جناته

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى