الشيخ عبد الله ويليام هنري كويليام، وُلد في مدينة ليفربول البريطانية لوالدين مسيحيين أثرياء عام 1856م. كان والده يعمل في صناعة وبيع المجوهرات والساعات، وتعود عائلته إلى ما يُسمى بالعائلة الكاثوليكية المتديّنة، التي عُرف عنها ما اصطلح على تسميته آنذاك بـ”المعتدلين في شرب الخمر”.
اعتنق ويليام كويليام الإسلام وغيّر اسمه إلى عبد الله كويليام، وأصبح “شيخ شيوخ بريطانيا”، كما لقّبه بذلك السلطان العثماني عبد الحميد الثاني عام 1894م. ترك عبد الله كويليام شاهدًا على وجوده وحلمه بنشر الإسلام في بريطانيا، إذ قام ببناء أقدم وأول مسجد يُرفع فيه الأذان في بريطانيا، وذلك في رقم 8 بشارع بروم تيراس في مدينة ليفربول البريطانية.
وتبدأ الحكاية منذ أكثر من مئة وأربعين سنة، حينما ذهب عبد الله كويليام إلى قاعة أحد المباني في ليلة عيد الميلاد عام 1886م، ليفتتح ما صار فيما بعد أقدم مسجد يُؤرَّخ لوجوده في بريطانيا، ويُؤسس لتراث بهتت آثاره بفعل الزمن وتراكم الأحداث.
كانت الصلوات تُقام في هذه القاعة، بينما استخدم الشيخ عبد الله كويليام الغرفة المجاورة لتعليم الأطفال، حيث كان يعزف البيانو ويردد معهم الأهازيج والأناشيد عن الدين الإسلامي. تم بيع المبنى إلى بلدية مدينة ليفربول عام 1889م، وتراكمت الأتربة داخله كما تراكمت السنوات على واجهته، تلك الواجهة التي وقفت شاهدة على هذا الرجل، الذي هداه الله إلى الإسلام في زمن لم تكن تعرف فيه بريطانيا كثيرًا عن المسلمين والدين الإسلامي الحنيف.
العنوان الحالي للمسجد هو 8 بمجمع بروجام تيراس السكني في شارع وست ديربي بمدينة ليفربول البريطانية. الآن، هو منزل قديم مهجور وشبه متهدم، واجهته غير نظيفة، أبوابه ملطخة بالرسوم، ويملأ سطحه أعشاش الحمام، أما حاله من الداخل فهو أسوأ بكثير من الخارج.
هذا المنزل “المنسي” الذي أكل عليه الدهر وشرب، وتراكمت عليه السنين، ليس بيتًا عاديًا، بل يحمل دلالات تاريخية واجتماعية غير عادية، فهو بيت من بيوت الله يُرفع فيه اسمه. وليس هذا فحسب، بل إنه أول مسجد بُني في بريطانيا على الإطلاق، والمعروف بعدة أسماء، من أشهرها “مسجد ليفربول الصغير”، والذي يرجع تاريخ إنشائه إلى عام 1889م.