المقالات

مؤسس علم الوراثة

يعرف كل مطلع على تاريخ العلوم أو تاريخ علم الأحياء أو تاريخ علم الوراثة بأن غريغور مندل هو مؤسس علم الوراثة وبذلك حلَّ إشكالا كان محيِّرا في علم الأحياء ليس هذا فقط بل كان عمله العظيم الخارق مفتاحًا لتطورات هائلة انتهت بكشف الجينوم البشري وهو المادة الوراثية العجيبة المذهلة التي تتكوَّن من ثلاثة مليارات أساس إن حل رموز الحمض النووي الريبي البشري المنزوع الأكسجين هو من أروع وأعقد الكشوف العلمية …..
إن غريغور مندل قد علَّم نفسه فهو لا يحمل شهادة جامعية فاستقلال تفكيره قد جعل رتابة التعليم الخَطِّي لا تناسب عقله فانشغل ذاتيا بالتجارب التي أوصلته إلى اكتشافٍ أساسي في علم الأحياء وامتد تأثيره إلى كل الفروع العلمية والعملية ذات العلاقة كالطب ولذلك فإن الدكتور مايكل هارت في الاستقصاء الذي أجراه عن (المائة الأوائل) الرواد الذين شقوا مسارات التقدم البشري منذ بداية التاريخ قد وجد أن مندل يحتل الرقم (٥٩) وفق الضوابط التي وضعها لقياس درجة التأثير في التاريخ البشري …..
وقد جاء الرسول عليه السلام الأول في (المائة الأوائل) ثم اسحاق نيوتن جاء ترتيبه الثاني ثم المسيح عليه السلام ثم بوذا ويأتي مخترع المطبعة جوتنبرج في المرتبة (٨) وداروين في المرتبة (١٧) أما غريغور مندل فجاء في المرتبة (٥٩) متقدمًا على ديكارت وجان جاك روسو وفرنسيس بيكون وآخرين من الرواد الأوائل ……
في كتابه (الموت والوجود) يقول البروفيسور جيمس ب كارس: ((اكتشف مندل أن الجينة هي الحامل الذي لا يتغيَّر للسمات الوراثية وما جرى بعد ذلك من تحديد التركيب الكيميائي في علم الحياة))
في كتابه (منطق العالم الحي) يقول العالم الفرنسي فرانسوا جاكوب الحصل على جائزة نوبل في علم الأحياء:
((إن الموقف عندما يتجلى بصورة جد مبكرة؛ لا يهتم به أحد كموقف مندل)) إنه بذلك يشير إلى أن الاكتشاف العظيم الذي حققه مندل كان سابقًا لعصره سبقًا عظيمًا لذلك لم يلتفت له العلماء إلا بعد وفاة مندل بفترة طويلة فلم ينل في حياته التكريم الذي يستحقه …….
ما يهمني هنا هو لفت النظر إلى خواء التعلم اضطرارًا وتأكيد أن الاختراقات الاستثنائية لا يمكن أن تتحقق إلا باهتمامٍ تلقائي قوي مستغرق فالفتح الذي حققه مندل ليس سوى مثال على الريادة الخارقة فالخارقون في كل المجالات هم قلة من الأفراد الأفذاذ من الرواد وسوف ترون نماذج مماثلة من الريادة والاختراق الخالد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى