تتميّز القرارات الصائبة والموفّقة دومًا بخصائص الدقّة، وسدّ الثغرات، وطرح الحلول الناجعة.
وليس ببعيدٍ عنّا القرارُ الصائبُ والموفّق بتنظيم حركة الواردين إلى المسجد الحرام للعمرة دون غيرهم، بمزيد من العناية والاحتفاء والتخصيص، مما يستلزم – في المقابل – توعية دعوية لسكان عموم مكة المكرمة، بإدراك أهمية الصلاة في سائر مساجد مكة المكرمة وفضلها، والتي لا تقلّ أجرًا عن الصلاة في المسجد الحرام، سواء بسواء.
وذلك أولى من الزحام المتكلّف الذي لا مبرر له من قِبَل أهالي المسجد الحرام (أهل مكة)، حيث يُلاحظ إقبالهم على الصلاة في المسجد الحرام بأعداد غفيرة، تُفضي إلى المزاحمة وإطالة صفوف المصلين حتى في الشوارع الخلفية والممرات، مما يُعيق حركة المعتمرين القادمين إلى المسجد الحرام.
ومن المنطق الشرعي والواقعي أن يُفسِح أهل مكة المجال والفرصة لإخوانهم الآفاقيين، الذين يأتون إلى البلد الحرام المقدّس لأداء العمرة فقط، وذلك من خلال اعتزال الصلاة في المسجد الحرام خلال مواسم الزحام الكبرى، خاصة موسم الحج وشهر رمضان المبارك، لتخفيف وطأة الزحام الشديد الذي ينعكس سلبًا على ضيوف الرحمن.
هذا الزحام يُشكّل عبئًا إضافيًا على العاملين في خدمة المسجد الحرام، ويستلزم جهودًا كبرى كان بالإمكان تخفيفها، من خلال قيام الجهات المختصة بمسؤولياتها التوعوية والتوجيهية تجاه أهالي مكة، مثل وزارة الشؤون الإسلامية، والهيئة العامة للعناية بشؤون الحرمين، ووسائل الإعلام المختلفة، وبمتابعة من إمارة منطقة مكة المكرمة المبجلة، التي يقع على عاتقها بحث الجهات المسؤولة في هذا الصدد، والتنبيه على ضرورة مراعاة الظروف الواقعية والآنية التي تجعل من مكة المكرمة محط قوافل المعتمرين على مدار الساعة، كالأمطار المنهمرة أو الأنهار المتدفقة، دون انقطاع.
ومن هنا، فإنّ الواجب الشرعي والوطني على سكان الحرم المقدّس أن يُفسِحوا المجال لإخوانهم القادمين إلى الأرض المقدسة المباركة، لأداء شعائر العمرة في راحة واطمئنان، دون مزاحمة أو تضييق أو مشقة، كما ورد في التعميم الحكومي الصادر في هذا الشأن.
فأعداد المعتمرين مذهلة وفي تصاعد مستمر، وكما هو معلن رؤية المملكة تستهدف ٣٠ مليون معتمر، ولا مندوحة لأهل مكة سوى الصلاة في مساجدهم المكية المباركة، واعتزال المسجد الحرام خلال فترات الذروة المعتادة، لاسيما في شهري رمضان والحج، وهم مع ذلك – بفضل الله وجوده – ينالون الأجر العظيم في مضاعفة الصلاة، كما ورد في فضل الصلاة في المسجد الحرام، دون أن يكون في ذلك مزاحمة أو إيذاء للمعتمرين والزوار