المقالات

عالم الطبخ في العصور القديمة

أول من كتب في عالم الطبخ هو اليوناني “ميثيايكوس” من مدينة سرقوسة الإيطالية، في القرن الخامس قبل الميلاد. لم يبقَ من كتابه إلا وصفة عن الأسماك، حيث يقول: تخلص من الأمعاء ورأس السمكة، ثم أضف الجبن وزيت الزيتون. وكان هناك جدل حول استخدام الجبن في طبخ السمك، كما ذكر اليوناني “أثينايوس” في كتابه “الفلاسفة على العشاء” في نهاية القرن الثاني وبداية القرن الثالث قبل الميلاد.

كانت مدينة سرقوسة مزدهرة في تلك الفترة، إذ إن أرضها خصبة، وتتوفر بها الكثير من المحاصيل الزراعية والماشية، مما أدى إلى التفنن في الطبخ، لدرجة أن الأغنياء الإغريق كانوا يجلبون الطهاة منها إلى بلادهم.

يقال إن “ماركوس أبيشيوس”، طباخ الإمبراطور “تراجان”، كان يحضر المحار الطازج ويرسله إلى الإمبراطور خلال حروبه في بلاد ما بين النهرين عام 115م. ويُعتبر كتابه “حب الطعام” أول الكتب التي عرفت مصطلح “المطبخ” في التاريخ، حيث يحتوي على وصفات تعود لعصر روما القديمة، ومنها وصفة “يخنة لحم الغنم”، والتي تتكون من: البصل، والكزبرة، والفلفل الأسود المطحون، والكمون، والزيت، والفلفل الرومي، والقمح.

وفي القرن الرابع عشر، عُرف الراهب الفرنسي “سيدوين بينوا” بأنه صاحب الطبق الشهير “كرش معدة بعصير التفاح”، وهو من الأطباق القديمة التي يتم تناولها عادة في فصل الخريف وقت حصاد التفاح. يُستخدم فيه معدة البقر الذي يتغذى على التفاح المتساقط على الأرض.

أما في القرن الخامس عشر، فقد كان “مارتينو دي روسي” خبيرًا في المطبخ الإيطالي، ويمكن اعتباره أول الطهاة في العالم الغربي. مارس حياته المهنية في إيطاليا، وخصوصًا في مطابخ القصور في أكويليا، وكان يُطلق عليه لقب “أمير الطهاة”.

يُعد كتابه “فن الطبخ”، الذي أصدره عام 1465م، معلمًا من معالم الطبخ وتذوق الطعام الإيطالي، كما يُعد وثيقة تاريخية لمراحل الانتقال المطبخي من القرون الوسطى إلى عصر النهضة.

وفي القرن السادس عشر، برز البلجيكي “لانسلوت دي كاستو” كواحد من أشهر الطهاة، حيث عمل لدى ثلاثة من أهم رجال الدين في مدينة لييج شرق بروكسل. وتُوفي “كاستو” عام 1613م، بعد أن أصدر كتابه “مقدمة في الطبخ” عام 1604م، والذي يُعتبر أحد المراجع المهمة في عالم الطبخ.

أما في القرن السابع عشر، فقد ظهر واحد من أهم الطهاة الفرنسيين، وهو “فرانسوا بيير لا فارين”، الذي يعود له الفضل في نقل المطبخ الفرنسي إلى عالم الحداثة. وقد تخلى عن النكهات الموروثة والمتبّلة بكثرة في العصور الوسطى، وقام باستبدالها باستخدام الزعفران، والقرفة، والكمون، والزنجبيل، وجوز الطيب، والهيل. كما أدخل الأعشاب المحلية مثل البقدونس، والزعتر، بالإضافة إلى بعض أنواع الخضروات مثل القرنبيط، والبازلاء، والخيار، والخرشوف إلى قائمة المواد المستخدمة في الطبخ.

وأختم بالطباخ الفرنسي “نيكولا أبيرت”، الذي عاش في القرن الثامن عشر، ويُعد مكتشف طرق حفظ الطعام في الأواني الزجاجية. وفي هذا العصر، عُرف الطباخ “أنطوان بوفيليرز”، الذي افتتح أول مطعم في باريس، وكان يضم غرفة أنيقة لتناول الطعام.

أ. د. بكري معتوق عساس

مدير جامعة أم القرى سابقًا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى