المقالات

آل صبيح «جاب العيد»

في لهجتنا السعودية الدارجة، اعتدنا على ترديد عبارة: “فلان جاب العيد”، تعبيرًا عن الخطأ الذي يرتكبه الإنسان، والذي قد لا يُغتفر في نظر البعض. والحقيقة أنني لا أعلم سر ارتباط هذا الخطأ بـ”العيد”، الذي يُعد رمزًا للفرح والبهجة والسعادة، حتى وإن كان استخدامه من باب التعبير المجازي أو الساخر.

تذكرت هذا المثل وأنا أرى بعض الشخصيات تبتهج بالعيد السعيد في مواقع التواصل الاجتماعي، قبل أن يختم إمام المسجد الحرام، الشيخ عبدالرحمن السديس، القرآن الكريم. لقد غلبت مشاعر الفرح والسعادة عندهم على مشاعر الحزن بفراق الشهر الكريم، وتغافلت تلك اللحظات عن الدموع المنهمرة من عيون المصلين، ومن المتابعين خلف الشاشات، والمرددين “آمين” بخشوع.

عيد الفطر، بخلاف كونه من أجمل أعياد المسلمين وعبادة نتقرب بها إلى الله عز وجل، إلا أنه أيضًا ثقافة وفن وصناعة لا يُجيدها إلا المبدعون، مثل الأستاذ محمد آل صبيح، مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة، فقد «جاب العيد» قبل أن يشاهد المتراؤون هلال عيد الفطر المبارك!

آل صبيح أبهج إعلاميين كُثُر ببطاقة معايدة قدمها لهم، تتضمن صورة الشخص واسمه، وعبارة جميلة، صُممت بإخراج فني راقٍ، كُتبت في طرفها الأيمن عبارة: “كل عام وأنتم بخير”، ومُذيلة بعبارة: “شكرًا لكم”.

لم يكن واحدًا أو اثنين أو عشرة ممن بادروا بالاحتفال بالعيد ونشر بطاقة التهنئة في مواقع التواصل الاجتماعي، بل كانوا كُثرًا، كلٌّ على طريقته وفي موقعه. وأنا منهم؛ إذ شعرت بفرحٍ خجول يتسلل إليّ، رغم ما كنت أعيشه من حزنٍ لفراق الشهر الفضيل. وتقديرًا لهذا العمل الجميل، وجدت أن من الوفاء أن أكتب عنه اليوم

العمل الذي قدّمه مدير جمعية الثقافة والفنون بجدة، الأستاذ محمد آل صبيح، في نظري نموذجٌ ثقافيٌّ جميلٌ في طريقة الاحتفاء بالعيد. وإدخالُ الفرحِ والسرورِ على الآخرين قد يراه البعضُ فكرةً بسيطةً في شكلها الفني، لكنني أراه كبيرًا في مضمونه، وتوقيته، والرسالة التي حملتها البطاقة.

الجميل في بطاقة التهنئة أن الأخ محمد لم يختر ألوان الشوكولاتة الداكنة، ولم يضع صورة الشوكليت، فقد راعى مشاعر المعدة، ولم يُذكّرنا بذلك البخيل الذي يقول لأبنائه: “إذا نجحتوا أوريكم سيارة الآيسكريم!”
المعايدة كانت صادقة، ومتميزة في محتواها وشكلها، والمشاعر التي نقلتها.

ختامًا
نحن، مهما شابت رؤوسنا وثقلت كواهلنا المسؤوليات، يبقى في أعماقنا طفلٌ صغير، لا يزال ينتشي بفرحة العيد، وتُبهجه العيدية، مهما عظُمت قيمتها المعنوية.

ومن هذا المنبر أقول: صنّاع الفرح في هذا الزمن عملة نادرة… ومحمد آل صبيح أحدهم. “فشكرًا لأبو سعود، الذي «جاب العيد» بمعناه الجميل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى