يعرف المطلعون بأن الفن الروائي يُعَدُّ من أهم المسارات في الحضارة الحديثة والمعاصرة وهو فنٌّ عظيم مستحدَث تأسس ونشأ مع المبدع الإسباني سرفانتس …..
يقول المبدع العراقي فؤاد التكرلي: (( أجد في قراءة الأدب القصصي وخصوصا الروائي متعة عميقة تمس العواطف والفكر وتَعْلو بهما)) فالفن الروائي يتضمن الفكر والمتعة والتسلية …..
لذلك فإن المبدع المفكر كونديرا يقول: ((إن مؤسس الأزمنة الحديثة ليس فقط ديكارت بل معه سرفانتس)) ويقول: ((إذا كان صحيحا أن الفلسفة والعلوم قد أهملا كينونة الإنسان فإنه يظهر بوضح أن فنًّا أوروبيا كبيرًا قد تَكَوَّن مع سرفانتس وما هذا الفن إلا سبر للإنسان الذي كان منسيًّا))
ويقول الفيلسوف الأشهر برتراند راسل: ((عندما أشرع في كتابة موضوع فلسفي فإنني أعود إلى الروايات الممتعة؛ فقمة آمالي أن أكتب أشياء تشبهها وأن لا أكون غامضًا وأن أشيع النور والمعرفة والمتعة في كل سطر))
وبهذا ندرك عظمة الفن الروائي الذي ابتكره المبدع الإسباني سرفانت فشق للأجيال مسارًا مضيئًا من مسارات الحضارة وأبدع فنًّا ممتعا من الفنون الراقية التي تقدم المعرفة بمتعة عميقة آسرة وليس أروع من فن يجمع مع المتعة والتسلية: المعرفة والفكر والبصيرة …..
مؤسس الفن الروائي سرفانتس صدرت عنه دراسات موسعة في كل اللغات فلست بهذا المقال القصير أحاول التعريف به وإنما فقط أحاول التذكير به فهذا المبدع لم ينل من التعليم سوى الأقل لكنه بريادته العظيمة صنع لنفسه مجدًا لا يزيده مرور القرون سوى المزيد من البزوغ والضياء والتألق …..
يقول الطبيب الناقد الفرنسي الشهير سانت بوف:
((إن الرواية مجال واسع من التجارب التي تنفتح على كافة أشكال العبقرية وعلى كل الأساليب إنها ملحمة المستقبل ومن المحتمل أن تكون الرواية هي الملحمة الوحيدة التي ستعتد بها الأخلاق المعاصرة))
ويقول الأديب جوناثان غوتشل في كتابه (الإنسان كائن حكَّاء):
((قصة تتمكن من التسلل إلينا في نهارٍ خريفي جميل فتهزنا وتجعلنا نضحك أو نبكي وقد تُحَوِّلنا إلى عُشَّاقٍ غاضبين أو تجعل جِلْدَنا يتغًضَّن حول لحمنا فنُغَيِّر الطريقة التي نتخيل بها أنفسنا وعالَمنا))
هذه مجرد إشارة خاطفة لأحد رواد حضارة العصر من الذين صنعوا أنفسهم بمحض مواهبهم وافترقوا عن التيار الذي يذوب فيه القطيع فستظل الأجيال من كل الأمم تتذكر رواد الوثبة الحضارية: كولومبس وجوتنبرج وكوبرنيكوس وجاليليو وديكارت ونيوتن وشكسبير وسرفانتس …..

0