مع تقدم التكنولوجيا وتوسع استخدام الإنترنت، أصبحت منصات التواصل الاجتماعي جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، خاصة خلال المناسبات الدينية كعيد الفطر المبارك. فقد تحولت هذه المنصات إلى وسيلة رئيسية لتبادل التهاني والتبريكات، مما أثر على الطرق التقليدية للاحتفال والتواصل. وبينما تسهم هذه المنصات في تسهيل التواصل وتوسيع دائرة التفاعل، فإن لها أيضًا آثارًا سلبية قد تؤثر على الروابط الاجتماعية الحقيقية. دعوني في البداية أوضح لكم
إيجابيات منصات التواصل الاجتماعي في الأعياد والتي تتمثل في الاتي:
1. سهولة وسرعة التواصل: بفضل تطبيقات المراسلة الفورية مثل واتساب وتلغرام، أصبح بإمكان الأفراد إرسال التهاني في ثوانٍ معدودة إلى الأهل والأصدقاء دون الحاجة إلى زيارات تقليدية.
2. الوصول إلى عدد أكبر من الأشخاص: تساعد وسائل التواصل الاجتماعي في إيصال التهاني إلى عدد كبير من الأصدقاء والأقارب في وقت واحد، مما يجعل التفاعل أكثر شمولية وأقل تكلفة مقارنة بالزيارات الشخصية أو المكالمات الهاتفية.
3. تعزيز الروابط العائلية عن بعد: تتيح المنصات للأفراد الذين يعيشون في بلدان مختلفة الشعور بالقرب من أحبائهم، حيث يمكنهم تبادل الرسائل، الصور، ومقاطع الفيديو التي توثق لحظات العيد.
4. توفير الوقت والجهد: في ظل ضغوط الحياة اليومية وكثرة الانشغالات، توفر هذه المنصات بديلاً سريعًا وفعالًا لتقديم التهاني دون الحاجة إلى ترتيب مواعيد الزيارات والتنقل بين المنازل.
5. إمكانية التفاعل الجماعي: بفضل ميزات مثل المحادثات الجماعية والبث المباشر، يمكن للعائلات والأصدقاء تنظيم لقاءات افتراضية خلال العيد، مما يعزز روح الاحتفال الجماعي حتى لو كانوا في أماكن متفرقة.
اما سلبيات منصات التواصل الاجتماعي وتأثيرها على العادات الاجتماعية فهي على النحو التالي:
1. انخفاض قيمة التفاعل الشخصي: مع تزايد الاعتماد على الرسائل النصية والتهاني الرقمية، تراجعت أهمية الزيارات العائلية المباشرة، مما أدى إلى ضعف الروابط الاجتماعية الحقيقية.
2. الاعتماد المفرط على التكنولوجيا: أصبح البعض يكتفي بإرسال رسالة نصية أو ملصق (Sticker) دون تخصيص وقت للحديث المباشر أو الزيارة، مما أدى إلى فقدان الطابع العاطفي والإنساني للمعايدات.
3. انتشار المجاملات السطحية: يرسل الكثيرون رسائل تهنئة موحدة إلى قائمة طويلة من جهات الاتصال دون تخصيصها لكل فرد، مما يقلل من قيمة المعايدة الشخصية ويجعلها تبدو تقليدية وغير مؤثرة.
4. التأثير على الأجيال الجديدة: مع نمو الأطفال والمراهقين في بيئة تعتمد بشكل متزايد على التواصل الافتراضي، قد يؤدي ذلك إلى تقليل رغبتهم في التفاعل الاجتماعي الواقعي، مما ينعكس على مهاراتهم في بناء العلاقات الشخصية.
5. زيادة العزلة الاجتماعية: على الرغم من أن وسائل التواصل الاجتماعي تهدف إلى تقريب الناس من بعضهم، إلا أن الاستخدام المفرط لها قد يؤدي إلى عزل الأفراد داخل عالم افتراضي، حيث يصبح التواصل الحقيقي نادرًا وغير مألوف.
لا شك أن التطور التقني يحمل في طياته فوائد كبيرة، لكن الحفاظ على العادات الاجتماعية والتقاليد يظل أمرًا مهمًا للحفاظ على النسيج الاجتماعي. لتحقيق هذا التوازن، يمكن اتباع بعض الاستراتيجيات:
دمج التكنولوجيا مع العادات التقليدية: يمكن للأفراد الجمع بين إرسال التهاني الرقمية والقيام بزيارات شخصية عندما يكون ذلك ممكنًا. واستخدام المكالمات الصوتية والفيديو: بدلاً من الاقتصار على الرسائل النصية، يمكن استخدام المكالمات الصوتية أو مكالمات الفيديو لإضفاء طابع أكثر دفئًا وشخصية على المعايدات. وكذلك تخصيص التهاني: إرسال رسائل مخصصة تعبر عن مشاعر صادقة بدلاً من الرسائل العامة يساعد في تعزيز العلاقة بين الأفراد. بجانب تقليل وقت استخدام الهاتف خلال الأعياد: تخصيص وقت للزيارات العائلية والتفاعل المباشر دون انشغال مستمر بالهاتف يعزز الترابط الاجتماعي الحقيقي.
ختاما، اقول بأن منصات التواصل الاجتماعي هي أداة قوية يمكن أن تعزز التواصل بين الأفراد، لكنها في الوقت نفسه قد تؤثر على العادات الاجتماعية إذا لم يتم استخدامها بحكمة. فتحقيق التوازن بين الاستفادة من هذه الوسائل التكنولوجية والحفاظ على التفاعل الاجتماعي المباشر هو المفتاح للحفاظ على روح الأعياد وجوهر العلاقات الإنسانية. لذا، في عيد الفطر القادم، قد يكون من المفيد الجمع بين التكنولوجيا والزيارات التقليدية، لإضفاء المزيد من الدفء والإنسانية على هذه المناسبة السعيدة.
أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

0