في التراث العربي العديد من قصص العشق، منها ما انتهى نهاية سعيدة، والآخر وصل إلى طريق مسدود ومات العاشق في نهاية الأمر. ولعلنا سمعنا بقصة قيس وليلى، وعنتر وعبلة، وربما سمعنا بقصص مماثلة أخرى. وهنا سوف أتطرق إلى أبرز هذه القصص، أو ما تُسمى بثنائيات الحب في التراث العربي، التي كان أبطالها في الغالب شعراء:
• قصة “عنترة وعبلة”
بطلها عنترة بن شداد العبسي، الذي قارع الأعداء في حرب داحس والغبراء. وُلد لأم جارية، لكنه أثبت شجاعته حتى نال الاعتراف بنسبه، وأصبح من الأحرار.
أحب ابنة عمه “عبلة”، لكن والدها اشترط عليه – تعجيزًا له وسدًّا للسبل في وجهه – جلب النوق العصافير من الملك النعمان. نجح عنترة في التحدي ليصل أخيرًا إلى معشوقته، وقد ذكر عنترة عبلة في أشعاره، كقوله:
يا دار عبلة بالجواء تكلمي
وعمي صباحًا دار عبلة واسلمي
• قصة “جميل وبثينة”
جسدت هذه القصة الحب العذري الذي أصبح رمزًا خالدًا في الأدب العربي. كانا من بني عذرة، وقد ورد في أغلب المصادر التراثية أن جميلًا التقى بثينة حين أنزل إبله في وادٍ اسمه “بغيض”، حيث كان أهل بثينة يقيمون بالقرب منه. وحين جاءت الأخيرة لسقاية إبلها، تسببت في إجفال إبل جميل، فبادرها بالسباب، وردت عليه بمثله، قبل أن تنقلب الخصومة بينهما إلى حب جارف. وحول هذه الحادثة يقول الشاعر:
وأوّل ما قاد المودَّة بيننا
بوادي بغيض يا بثينُ سبابُ
وقلنا لها قولًا فجاءت بمثله
لكل كلام يا بثينَ جوابُ
لكن أهلها منعوه منها وأجبروها على الزواج بغيره، فظل الحب والهيام نابضًا في قلب جميل، حتى هاجر إلى مصر، حيث أمضى حياته مسترجعًا ذكرياته معها حتى وفاته.
• قصة “قيس وليلى”
يُعد قيس بن الملوح مثالًا للعاشق، إذ أحب ابنة عمه ليلى العامرية، لكن حبه قوبل بالرفض، فزُوّجت لرجل آخر، ليبدأ قيس رحلة التيه والجنون. هام في الصحاري ينشد الأشعار، ممزقًا ثيابه، حتى لُقب بـ”مجنون ليلى”. ولم يكن مجنونًا، وإنما سُمي كذلك لهيامه بليلى العامرية. ومن أشعاره:
تعلقتُ ليلى وهي ذاتُ تمائم …
ولم يبدُ للأتراب من ثديها حجمُ
صغيرين نرعى البهمَ يا ليتَ أننا
إلى اليوم لم نكبر ولم تكبر البهمُ
ولم تسلم الجدران من تقبيل العاشق المجنون في ديار ليلى، حيث يقول:
أمرُّ على الديارِ ديارِ ليلى
أقبِّل ذا الجدارَ وذا الجدارا
وما حبُّ الديارِ شغفنَ قلبي
ولكن حبُّ من سكن الديارا
• قصة “كثير وعزة”
اشتهر كثير بن عبد الرحمن بحبه الشديد لعزة بنت جميل الكنانية، ووقع أسيرًا لحبها حين دلته على مورد ماء أثناء ترحاله. وكغيره من عشاق العرب، لم يُكتب له الزواج بها، إذ رفض قومها تزويجه بسبب تغزله بها في شعره، فظل يهيم في حبها حتى ارتبط اسمه بها. وقد صاغ كثير قصائد كثيرة في عزة، منها قوله:
ألم يحزنكَ يومَ غدتْ حُدوجُ
لعزَّةَ إذْ أجدَّ بها الخروجُ
بضاحي النَّقبِ حينَ خرجنَ منهُ … وخلفَ متونِ ساقِها الخليجُ