لن اتحدث عن تجارب القدماء مع وسائل الإعلام بواسطة المشاعل في رؤوس الجبال أو شعلة النار من سمنة القطران ، او أشجار المُضْ المضيئة ، بل سوف أتحدث عن زمني الخاص وتجربتي في الحياة مع التغيرات التقنية والمبتكرات ووسائل التواصل منذ إدراكي للحياة منذ الثامنة من العمر .
فقد عشت طفولتي في كنف القرية قبل ٥٠عاماً،في بيت حجري مسقوف بأشجار العرعر، وجدرانه معتقة بالطين الممزوج بالروث والتبن ، وبدانا حياتنا على ضوء الفانوس والإتريك،وطاقتنا على الحطب في موقد مستدير يسمى الملَْة، حتى تطورت الحياة فتعلمت فيما بعد تغيير فتائل الطباخة التي ظهرت في زمن يسمى زمن العجائب ويطلق على أطفاله مسمى “صفة أرباطعش” أي جيل الحضارة نسبة للقرن ١٤ الهجري ، ويقال لهم جيل آخر الزمان الذين وصفوا بأنهم ظهروا ، وبطنوا .
فحينها تمكنت من تركيب فتيلة الطباخة، والفانوس في ذهول من والدي ووالدتي اللذان بدءا يحصناني عن العين فقد كنت بارعاً في أنظار الجميع لأنني استوعبت ذلك المبتكر الحديث.
ثم أننا استمتعنا بالمذياع الراديو، على حصى الكشاف أبو بس وهي ( بطاريات) الراديو، فقد كان هو وسيلتنا الإعلامية الوحيدة
بينما كانت وسيلة التواصل الاجتماعي والرسمي آنذاك هي البريد والرسائل الورقية والمظاريف والطوابع،
وفجأة وصل التيار الكهربائي ومعه التفلزيون قناة واحدة ثم دخل الهاتف والكبائن، ثم جاء الكمبيوتر وعملنا على جهاز ماكنتوش على لغة /:C ، ثم جاء الإنترنت وظهرت اول مجموعة Microsoft في حزمة 3.11 بوينت ثري إليفن ، فتطور إلى windows 95 , حتى 2000 ثم ظهر مليليوم وتطورت المنتديات ، وظهرت محادثات الماسينجر ولها مقاهي خاصة وغرف للدردشة وكانت وقت ظهور البيجر، ثم جاء بعده الجوال ، وكانت الرسائل لا تستوعب عشر كلمات وبقية النص مفقود !
ثم تطور الجوال وأصبح يستوعب رسائل طويلة ، ويرسل مقاطع قصيرة فيديو ومقاطع صوتية، ثم تطورت التطبيقات وظهر watsapp وتويتر ، والفيس بوك، ومحركات البحث مثل Google و Google Map , وغيرها ، وكنا نعتقد أننا بلغنا نهاية التطور ، وذروته ، حتى ظهر الآن الذكاء الاصطناعي الذي أذهل العالم !!
فقد رايت جدي المتوفي منذ عشرات السنين يتحدث معي ويبتسم ،ورايت والدي رحمه الله ياخذني بالأحضان ، بل انها نطقت لوحات الفنانين مثل “موناليزا” دافنشي، ولوحات سلفادور دالي ، وفانجوخ ،بل ابتسم الطفل الباكي الذي رسم لوحته الإيطالي جيوفاني براغولين الذي استمر باكياً منذ ١٩٥٠م حتى جعله الذكاء الاصطناعي يتبسم مطلع هذا العام ٢٠٢٥م !
بل اصبح الذكاء الاصطناعي اليوم هو المستشار، والطبيب ،والمهني والمفتي ،والقانوني، والقاضي ، والمهندس والفيلسوف،وعالم الفيزياء ، والكيمياء وكل علوم الدنيا وبكل لغات العالم !
فمن نحن ؟ وماذا بعد ، الذكاء الاصطناعي ؟!