المقالات

قل خيرًا أو اصمت

منذ أن كنت طالبًا، ويسكن معي زميل (Roommate)، ظهرت أمام عيني ظاهرة تتكرر، وكنت أظنها فطرية وطبعية. حيث لاحظت أن زميلي حينما يستيقظ من النوم يتخلص فورًا من طاقته السلبية ويخترع نقدًا ويوجهه لي مهما حرصت على تجنب أي خطأ. وكانت كلمات التجريح تحزّ في نفسي كثيرًا، فتسلّحت بالصبر وتحملت جزءًا من المسؤولية.

وشاء الله أن أنتقل إلى مرحلة أخرى وفي مكانٍ آخر، وقدّر الله أن يسكن معي زميل آخر طاقته إيجابية. وأول شيء يفعله عندما يستيقظ من النوم: تحية الصباح الجميلة والدعوات الصادقة، وكأنه يعلم احتياجاتي. وتعمدت إثارته أكثر من مرة، فما بدا منه إلا المزيد من حلو الكلام وعظيم الدعوات.

وتولّد لديّ الفضول أن أعرف مصيرهما بعد سنين من الفراق في هذه الحياة. فاتضح لي أن زميلي صاحب الطاقة السلبية حُرم من النجاح، ورافقه الفشل في الوظيفة والأسرة…

أما صاحب الطاقة الإيجابية، فحملته طاقته الإيجابية إلى سُلّم النجاح الأسري والوظيفي، وأصبح نجمًا متألقًا ومحبوبًا.

وبفضل الله، بإمكان الإنسان تنمية الطاقة الإيجابية وتعزيزها؛ ويمكنه كبح الطاقة السلبية وجعلها تحت السيطرة الكاملة مقابل تطبيق عدد من الاستراتيجيات، وأبرزها:
1. نهي النفس عن إطلاق الكلمات السلبية، وإدراك أثرها السلبي، والصبر على ذلك، والتخلّق بالتعود.
2. إدراك أضرارها على الآخرين وعلى الشخص نفسه؛ فهي مفتاح الفشل وأكبر طارد للنجاح بكافة أشكاله.
3. تدريب النفس على ضبط النفس من خلال التفكير في التبعات والعلاج السلوكي.
4. تسجيل عشوائي لحديثه مع الناس، وتحليله وتقييمه بدقة، وإحصاء المفردات الرديئة والتخلص منها قدر المستطاع وبالتدرج.
5. تنمية جودة الحياة بالسفر، والقراءة، ومخالطة الإيجابيين، وتعلم فن الحديث والإتيكيت وعلوم النشامى.
6. تفريغ الطاقات السلبية على الشيطان ورميه بالحجارة ولعنه، فهو من يستحق مخرجات الطاقة السلبية.
7. تنمية الثروة اللفظية الإيجابية بحفظ القرآن والسنة الصحيحة، وحفظ قصائد المدح والوصف.
8. تشجيع الآخرين على إيقافه وتنبيهه وردعه عن الغلط عليهم، وتجنّب تقمّص الشخصية السامة.
9. الصيام عن الكلام لفترة، والتحلي بالصمت، وتطبيق قاعدة: “قل خيرًا أو اصمت”.
10. نصح الناس بما قاله الله سبحانه، وما قاله رسوله عليه الصلاة والسلام في هذا الخصوص، فقد يعزز ذلك ذاته ويذكّره به، وهو عمل يرضي الله:

قال الله تعالى:
(لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن نَّجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا)

وقال صلى الله عليه وسلم:
“من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت”

وقال الله تعالى:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى