في قلب الصحراء الغربية المصرية، وعلى بُعد 560 كم من القاهرة، تتألق واحة سيوة كملتقى للإبداع والفكر، حيث تحتضن هذا العام قمة الفنون الإسلامية، في مشهد ثقافي فريد يجمع بين عبق التاريخ وروح الحداثة. بسحرها الطبيعي، حيث النخيل الوارف، والبحيرات المالحة، والينابيع الدافئة، أدرجتها اليونسكو عام 2022 ضمن شبكة محميات المحيط الحيوي، تقديرًا لتنوعها البيئي وثقافتها العريقة. تشتهر سيوة بمعالمها الطبيعية المذهلة، من بحر الرمال الأعظم الذي يجذب عشاق السفاري، إلى حمام كليوباترا حيث تتدفق المياه الدافئة بدرجة حرارة ثابتة. أما جبل الموتى، فهو شاهد على تعاقب الحضارات، حيث يضم مقابر رومانية منحوتة في الصخور. ثقافيًا، تُعد سيوة موطنًا للغة التاسيويت الأمازيغية، التي لا يزال سكانها يتحدثونها، إضافة إلى قرية شالي الأثرية المبنية بالطين والصخور الملحية، والتي تعكس تقنيات بناء متكيفة مع بيئة الصحراء القاسية.
هذا العام، تتحول سيوة إلى عاصمة للفنون الإسلامية، حيث تستضيف المؤتمر الدولي السادس عشر للجمعية العربية للفنون والحضارة الإسلامية، بمشاركة أكثر من 200 شخصية من 16 دولة، بين مفكرين وفنانين وأكاديميين. يناقش المؤتمر عبر 132 ورقة بحثية قضايا الفكر والفن والتاريخ، ويمثل حوارًا حضاريًا بين الشرق والغرب، حيث تمتد جسور الحوار بين الثقافات، في لقاء فكري وإبداعي يجمع مفكري وفناني العالم العربي. وبرعاية رابطة الجامعات الإسلامية، يسهم هذا الحدث في رسم ملامح المستقبل بين التراث والحداثة، ويؤكد أن سيوة ليست مجرد واحة سياحية، بل ملتقى للحضارات والعقول، حيث يلتقي الإبداع بالتاريخ في قلب الصحراء.
ورغم التحديات البيئية،، تظل سيوة نموذجًا فريدًا للتعايش بين الإنسان والطبيعة، حيث يحتضن تراثها العريق رؤى حديثة تعيد رسم ملامح المشهد الثقافي العربي والإسلامي. وبين رمالها الذهبية وسمائها الصافية، تبتهج سيوة وتلبس أجمل حللها احتفاءً بهذا الحدث الفريد، مؤكدةً أنها ملتقى الحضارات ومركز إشعاع فكري وفني يستحق الاحتفاء والحماية للأجيال القادمة.