بين دايم وخالد وُلدت ليلة تاريخية، دام أثرها، وخلدت كلماتها، مما يجعلني في حيرة عمن يجب أن أكتب أولًا: هل أبدأ بخالد، الذي خلّد كل هذه القصائد في أذهاننا، أم بدايم، الذي دامت أشعاره تتردد بين كل الأجيال؟ فمنذ الخطوة الأولى لدخولك تلك الليلة، سيلفت نظرك تنوع فئات الحضور، لتعلم مليًا أن هذا الأمير قد أمر على القلوب، ودارت قصائده بين كل الأجيال.
وقد شاء حظي السعيد أن أستمتع في هذا العيد السعيد بليلة “دايم السيف”؛ تلك الليلة الرائعة، والأمسية الجميلة التي جمعت الأجواء الآسرة، والكلمات الساحرة، والأغنيات الخالدة، التي كان أهم نجوم الفن يشدون ويتغنون بها لأميرنا المحبوب خالد الفيصل، لساعات طويلة عشنا فيها أرقى المشاعر الدافئة، وأعذب المعاني السامية، وأجمل الأحاسيس الدافقة، والتي واكبت مسيرة هذا الأمير الإنسان والفنان، مرهف الحس، وجزل المعاني، عظيم الفصاحة، وأمير اللغة والبيان، الأمير الملهم الذي ترك بصماته ناصعة لا تُنسى في ذاكرة أنحاء الوطن، في كل منطقة وجزء غالٍ من هذا الوطن العزيز، الذي خدمه وتولى الإشراف عليه وإدارته، من جنوب المملكة إلى غربها، سنوات خالدة مشرقة في سجل الأيام، يعجز عن وصفها اللسان، ويعتز ويفخر بها كل مواطن منصف وإنسان.
كانت حقًا ليلة استثنائية، تجلى فيها الحُب في أرقى صوره، واللحن في أبهى عربه، والشعر في أعذب معانيه، والعز والفخر بأسمى تجلياته.
لقد كانت كل التفاصيل المرافقة للحفل تليق بتاريخ هذا الأمير الشاعر الإنسان، وكانت في غاية الإتقان، وزادت العيد فرحًا يملأ المكان والزمان، تدندنها الكلمات والألحان التي تطرب المسامع والآذان.
لكني لن أبحر كثيرًا في هذه المقالة عن هذا الحفل الغنائي، لأني لن أضيف جديدًا عن فارس الكلمة والمعنى والمغنى، الأمير ابن الملك، العصيّ عن النسيان. ويمكن لمن أراد الرجوع إليه في أي وقت، متابعة مكتبة قناة “شاهد” التي نقلت الحدث واحتفظت به متاحًا للعيان، لمن لم يحالفه الحظ بالحضور أو المشاهدة المباشرة في وقته.
لكني سوف أتجول معكم اليوم في المعرض المصاحب لتلك الأمسية الملهمة، بعنوان “في محبة خالد الفيصل”، والذي احتوى على أجنحة متعددة تصف وتعرض مراحل جديرة بالوقوف عندها، تمثل تاريخ هذا الأمير المحبوب، ومبادراته الملهمة، ودواوينه الرائعة، وكتبه القيّمة المتنوعة في حب الوطن والاعتزاز به على مر السنين والأعوام.
ومن حسن الحظ أن القائمين على إعداد هذا المعرض المتميز جعلوه متاحًا للجمهور عدة أيام بعد انتهاء الحدث، وقد قمت بزيارته متأملًا بعيدًا عن جو الحفل الموسيقي المصاحب، لأتمعن أكثر في هذا التاريخ العظيم، ولأحظى بوقت أطول للوقوف والتبحر دون عجالة لإدراك الحفل. فشكرًا لمن جعله متاحًا لعشاق الجمال، وإبداعات شاعر يترنم بأعذب بحور الشعر، ويتنغّم بأجمل مفردات اللغة.
وسأقف بين ربوع مواطن الجمال التي شاهدتها في كل ركن وزاوية تشع جمالًا وإتقانًا، وأبدأ بمستوى التنظيم وحفاوة الاستقبال التي يجدها الزائر من أبناء وبنات الوطن في عمر الزهور، تم اختيارهم بعناية، وتدريبهم على أعلى مستوى، باحترافية بالغة تشعرك بالاعتزاز والافتخار، وتوحي لك وجوههم بالثقة والحماس، التي تصفها كلمات الأمير الخالدة: “ارفع رأسك أنت سعودي.”
كان المعرض أشبه بواحة غنّاء وارفة الظلال، تم تنسيقها وتنظيمها بمستوى جودة يليق بابن ملك، ملك قلوبنا وعقولنا ومشاعرنا وأحاسيسنا. وتجولت في زواياه وأركانه المتعددة التي تحكي عن قصة حياة هذا الأمير الملهم، الفكر، والإحساس، وهذا الرسام الذي رسم بريشته أجمل صور الوطن والمشاعر الإنسانية، تأخذك إلى آفاق وخيالات تجدد فيك روح الحياة، وتبعد عنك كل الأحزان.
وتوقفت كثيرًا عند مبادراته الرائعة التي تنوعت في شتى الجوانب التي تخدم الوطن والمواطن والإنسانية، والفصحى، والفكر العربي، في منتهى الإبداع والطموح والبهاء.
وأختم بوقوفي طويلًا أمام جناح يضم الكثير من كتبه ودواوينه الشعرية التي تم عرضها ليطّلع عليها الزوّار. وفي هذا الموقع المهم والمتميز، وقفت شابة سعودية متميزة اسمها (تالة)، تأخذنا في جولة على هذا الجناح، وتشرح لنا محتوى وزبدة كل كتاب، وتركز على أهم أجزائه، بطريقة مبهرة، توحي للمستمع بأنها قرأت كل الدواوين والكتب التي تتحدث عنها بطلاقة ملفتة، وكأنها أخذت نصيبها من هذه الكتب ونالت بركتها.
قلت لها: يا ابنتي أحسنتِ شرحًا وأداءً، وأحسن من اختارك في هذا المكان.
ولي أمل ورجاء أن يتم تطوير فكرة هذا المعرض ليصبح معرضًا دائمًا، فهو جدير بأن يكون معلمًا ثقافيًا شاهدًا على الفن والجمال، لفكر الأمير المحبوب خالد الفيصل، يشاهده ويزوره المواطنون وزوار المملكة العربية السعودية من مختلف الأوطان.
سلمت يداك…. كلام جميل جدا
حقاً جهود عظيمه
بوركت الجهود وطابت بكل خير
نأمل استمراريته..
معلم ثقافي جميل يستحق الزياره..
مقالة رائعة سطورها نغم وحروفها نقش بالقلم لعلم بارز من أعلام السعودية الكبار الذي صال وجال في عالم الأدب والثقافة والادارة والالهام سنين زاهرة بالعطاء مشعة بالمحبة والصفاء فشكراً من القلب للكاتب المبدع وهذه الصحيفة المتميزه على هذه المقالة الثرية