المقالات

الفرق بين العيدين

طلاليات

مرت أيام عيد الفطر المبارك، واجتمعت الأسر ممن استطاعوا اللقاء، وتبادل الناس التهاني من قريب وبعيد، بوسائل متعددة، ثم انقضت الإجازة وعاد كلٌّ إلى حيث كان.

وعندما نعود بذاكرتنا إلى الوراء، نقارن بين أعياد الزمن القديم وأعياد الحاضر، نتأمل كيف كان الناس يحتفلون، وكيف كانت المعايدات قديمًا، وما الفرق بين الأمس واليوم. نُدرك حينها الفجوة الشاسعة التي لا تخفى على أحد.

عيد الأمس كان مختلفًا، سواء في المدن أو القرى أو الهِجر، وحتى في البوادي والخيام المتناثرة. كان العيد مناسبة حقيقية، يشعر فيها الناس بلذّته ومعناه، وتنتشر فيه أجواء البهجة بين الصغار والكبار. تبدأ المعايدات من بعد صلاة العيد، ويجوب الأطفال المنازل، يطرقون الأبواب ليأخذوا عيدياتهم من الجيران. أما الكبار، فكانت تجمعاتهم في ليالي العيد عامرة بالأنس والحديث والسمر.

أما عيد اليوم! فبالكاد يجتمع الإخوة، ونادرًا ما نرى أبناء العمومة معًا كما كان يفعل آباؤهم. لم نعد نشاهد الأطفال يجولون بين البيوت كما في السابق، وغابت العيديات من الأيادي إلى رسائل الجوال. أصبحت المعايدات رقمية، والزيارات نادرة، وربما لا يعرف أحدهم أبناء إخوانه أو عمومته، لا بأسمائهم ولا بملامحهم.

نعم، تغيّر كل شيء في حياة الناس، حتى أعيادهم. تفككت الروابط وتبدلت العادات، وغابت التقاليد الجميلة. أصبح كثير منا يكتب عن “رمضان زمان” و”العيد زمان” و”المعايدات زمان”، وكأن تلك الصور من الماضي باتت غريبة عن واقعنا!

لكننا في النهاية نعلّق الأمر على الزمن، ونحمّله كل التغيرات، ناسين أننا نحن من صنع هذا الواقع. كما قال الإمام الشافعي:

نَعيبُ زَمانَنا وَالعَيبُ فينا
وَما لِزَمانِنا عَيبٌ سِوانا
وَنَهجو ذا الزَمانَ بِغَيرِ ذَنبٍ
وَلَو نَطَقَ الزَمانُ لَنا هَجانا

ختامًا:
كل عام وأنتم بخير، وعيدكم مبارك، وأعاده الله علينا وعليكم بالخير والمودة والتواصل الحقيقي.

محمد سعد الثبيتي

طلاليات محمد الثبيتي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى