الحياة ليست مجرد مسار تمضي فيه الخطى بل هي مفترق دائم كل لحظة فيه تعرض فيها على الإنسان خارطتان:
طريق الشكر … وطريق الجحود.
وفي هذا المفترق تتجلى عظمة الآية الكريمة:
﴿إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً﴾،
آية تختصر فلسفة الوجود وتضع الإنسان أمام حقيقته: أنت مخلوق مخير وهدايتك أمانة بين يديك.
الله سبحانه وتعالى لم يخلق الإنسان في الظلام ولم يتركه يتخبط بين دروب الحياة بل أودع في فطرته نور الهداية وأرسل له الرسل وأنزل الكتب وعلمه العقل والتفكير.
ثم قال له بلطف الرحيم المربي العظيم:
هذا هو السبيل فامضِ كما تختار … إما شاكراً وإما كفوراً.
الشكر لا يعني فقط أن تقول “الحمد لله” بل أن ترى كل لحظة نعمة وكل عثرة لطفاً خفياً وأن توقن أن الخير ليس دائمًا ما تراه مريحاً بل ما يقربك من الله.
أما الكفران فهو ليس فقط إنكار وجود الخالق بل قد يكون في الغفلة في التذمر في الشعور بأنك وحدك من يصنع مستقبلك وينسج نجاحك.
يا ابن آدم … إنك بين طريقين لا ثالث لهما:
إمّا أن ترى النعمة فتلين
أو تتناساها فتقسو.
فمن اختار الشكر رُزق بركة الطريق ورضا النفس وقبول السماء
ومن اختار الكفران عاش متخبطاً بين الظنون مهما أمتلك من مال أو شهرة أو منصب.
فالخيار لم يكن يوماً عن جهلٍ بالسبيل
بل عن موقفٍ من النعمة.
ومضة:
فالله سبحانه وتعالي دلنا، وترك لنا القرار … فهل سنمضي شاكرين؟ أم نضل الطريق ونحن نعلم؟
• عضو هيئة تدريس – جامعة المؤسس