المقالات

احتلَّ مقعده مع المائة الأوائل

مليارات من الناس مروا على هذه الأرض دون أن يتركوا مأثرة واحدة تجعل التاريخ يحتفظ بها لأي منهم فالمبدعون في كل الأزمنة وعند كل الأمم نادرون غاية الندرة ومن هنا جاءت فكرة المائة الأوائل في التاريخ البشري التي اجتهد المؤرخ مايكل هارت للاستقصاء الطويل من أجل تحديد المائة الأوائل …..
كان العالَم مبتهجًا بالنظام الاقتصادي الذي تجلى في كتاب (ثروة الأمم) لآدم سميث وأفكار ريكاردو فالعالم قد أدرك كيف يضاعف الإنتاجية بشكل غير مألوف وكيف تنمو الاستثمارات وكيف أن البشرية تتجه نحو نمو متصاعد لا يعرف المجاعات التي عانت منها البشرية خلال أحقاب متتالية لكن الجميع فوجئوا بجرس الإنذار يأتي من حيث لا يتوقعه أحد …..
توماس مالتوس يُفترَض بأنه قس ومشغول بأمور الكنيسة ومهتم بأتباعه فالمعتاد من أمثاله أنهم يستغرقون عادة في كنائسهم لكن مالتوس خرج عن النمطية وفكَّر خارج الصندوق وانشغل في قضية إنسانية كبرى وأبدية ففاجأ الجميع بفكرة صحيحة وقوية وصادمة وموقظة فجاءت كالصاعقة وقد أيقظت العالم لمواجهتها فتضاعف إنتاج الغذاء عدة أضعاف بشكل غير مسبوق لكن تبقى الفكرة صحيحة تماما ولابد من مواجهتها بخطط متجددة كافية فقد اكتشف أن عدد السكان يتزايد بمتوالية هندسية ٢-٤-٨-١٦- ٣٢ وهكذا فالنمو السكاني يأتي على هيئة انفجارات ولولا الموت المبكر لمعظم المواليد آنذاك لغمر طوفان البشر الأرض وبالمقابل فإن إنتاج الغذاء يتم بمتوالية حسابية(ا-٢-٣-٤ ) وهكذا ومعنى هذا أنه يوجد خلل جذري ناتج عن النمو الانفجاري للسكان مقابل النمو المحدود للغذاء فنمو السكان هائل بينما أن نمو الغذاء محدود ولاشك أن انتباه العالم لهذه الحقيقة كان من أهم حوافز التوسع الهائل في إنتاج الغذاء فالمستثمرون يُقْدِمون على المشاريع الجديدة وهم مطمئنين للرواج فالأفواه تزداد ولا خوف من الكساد …..
توماس مالتوس امتد تأثيره لمختلف العلوم خصوصا علم الأحياء ويقال بأن أفكار مالتوس هي التي أوحت لداروين بنظريته أما علم الاقتصاد فلن تجد كتابا في تاريخ هذا العلم إلا ويتناول أفكاره وتأثيره إلى درجة أن المؤرخ مايكل هارت قد وضع له مقعدًا مع المائة الأوائل مع نيوتن وكوبرنيكوس وفراداي وديكارت وعظماء العظماء….

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى