المقالات

عُلوم ظلمت بتسميتها

ظُلمت الكثير من الأقسام والمسارات والعلوم، بسبب تَسميتها المُتوارثة، والخلط في أهدافها ومُخرجاتها، وسوء فهم مكنونها وجوهرها وتوجهها، أهدافها ورسالتها ورؤيتها، مما ترتب عليه الكثير من التداخل وسوء الفهم في تسمية الخريجين، وفي استيعابهم لدى جهات العمل، فالمُسمى المطروح لبعض الأقسام بمسارته المختلفة، لكثير من المخرجات الجامعية التي لا تواكب عالم اليوم، تلك الـمُسميات قد لا تعكس واقع ومكتسبات ومهارات وكفاءة وإمكانيات وإبداعات الخريج، فتجد هناك التباس لدى جهات التشريع والتوظيف والعمل والتي بدأت مُعضلتها من مرحلةِ مبكرة منذ فترة الدراسة، لعدة أسباب سنتطرق لهها.

بعض التسميات اليوم لبعض التخصصات، لا تُواكب أبدًا التحديات الراهنة في سوق العمل المتنامي والمتطور والمتخصص، في ظل التطورات الأخيرة مع الذكاء الاصطناعي والمتغيرات العلمية والتقنية والتكنولوجية المستمرة على مستوى العالم.

أصبحت الوظائف في الآونة الأخيرة تتطلب التوصيف والتدقيق لها تدقيقًا مُتفحصًا مُتماشيًا مع متطلبات الجودة في الأداء والعمل والإنتاج والإخراج لضمان الاستدامة والاستمرارية، وتظل هناك إشكالية بضرورة الوقوف مليئًا في بعض الـمسميات العلمية، على سبيل المثال، لا على سبيل الحصر، والذي سيتبعه سلسلة طويلة من هذا القبيل سنبتدئ اولاً في معرفة الفرق بين (علم الغذاء) و (علم التغذية)، هناك الكثير ممن يخلطون بينهما، بل احيانًا من بعض الـمُتخصصين، الذين لا يستطيعون التفريق بينهما، صحيح أن المسمين قريبان من بعض، وقد يكون الخلط بسبب الترجمة الحرفية من اللغات الأخرى خصوصاً الإنجليزية، فكلاهما يشيران لنفس الاتجاه، وربما تختلط الأفكار بينهما، لكنهما في الحقيقة مساران مُختلفان، صحيح أن كليهما يبحثان في الغذاء والتغذية، ويركزان على تطوير وتنمية مفاهيم كيفية استخدام الغذاء في جسم الإنسان.

إن الفهم الصحيح لعلم الغذاء، ومفهوم علم التغذية يُمكن أن يعطينا نظرة دقيقة وثاقبة لمعرفة مدى التداخل والخلط في المسمَّيان لنخرج برؤية واضحة مُعتمدة على رؤي حقيقية من مصادر علمية موثوقة وجامعات عريقة عبر العالم.

أولاً يجب أن نعرف ماذا يـُـقصد بعلم التغذية(Nutrition Science)؛ يتمحور بشكل أساسي حول العلاقة بين الغذاء والصحة والوقاية من الأمراض، ويتضمن دراسة العناصر الغذائية الرئيسية المعروفة: (البروتينات، الكربوهيدرات، الدهون، العناصر المعدنية، الفيتامينات والماء)، وأدورها الفسيولوجية ومدى تأثيرها على صحة الإنسان، في سبيل تحقيق أكبر قدرٍ من الفائدةِ الغذائية والصحية للإنسان، كما يقوم مُختصي التغذية بتقييم الاحتياجات لكل فرد، بناءًا على المرحلة العمرية، ومعدل النشاط البدني، وكذلك تقديم الاستشارات بشأن المُمارسات الغذائية الصحية وتخطيط الوجبات الغذائية، وعلاوة على ذلك فهو يهتم بالتأثيرات والعلاقات الاجتماعية والثقافية والبيئية، على الخيارات الغذائية والأنماط الغذائية والحالات التغذوية، ومن أهم مهام مـُختصي التغذية هو تقدير الاحتياجات الغذائية المختلفة: (احتياجات حفظ الحياة، احتياجات الإنتاج والتفكير والعمل واحتياجات النشاط الرياضي والجنسي والتكاثر وغيرها)، كما أنهم أيضًا يهتمون بالقوانين الغذائية وتثقيف المُجتمعات بالقيم المُثلى للأنظمة الغذائية المُتوازنة والصحية.

كما أن مُختصي التغذية يلعبون دورًا حيويًا في مبادراتِ الصحة العامة، بالتعاون مع المُتخصصين في الرعاية الصحية، ومختصي التغذية العلاجية. وخلاصة القول: إن علم التغذية يدرس الغذاء والعناصر الغذائية وتناول المواد الغذائية ومعالجتها كيميائيًا وعلاقتها بالصحة والمرض وتطبيق تلك المعلومات المدروسة على السياسات والبرامج التشريعية، مما يعني أن مختصي التغذية يهتمون بدراسة كيفية تأثير الغذاء على الصحة والرفاهية، ويشمل ذلك فهم دور العناصر الغذائية في الجسم والاحتياجات الغذائية والعلاقة بين النظام الغذائي والوقاية من الأمراض.

وأهم المقررات التي يتناولها علم التغذية؛

السياسة الصحية الغذائية
تخطيط البرامج الغذائية الصحية
تعزيز الصحة الغذائية
الاستشارات الغذائية
خدمات المعلومات الغذائية
البحوث الغذائية

وأهم مجالات عمل مُختصي وخبراء التغذية؛ مؤسسات الرعاية الصحية والصحة العامة كأخصائي تغذية، وقد يشاركون في الأبحاث وصنع الأطر الرئيسية لسياسات تحسين صحة المجتمع، يمكننا القول بأن مُختصي وخبراء التغذية يتعلقون غالبًا بالجوانب الفنية والصناعية للغذاء، فإن التغذية تركز على التأثيرات الصحية للغذاء على الافراد والسكان والمجتمعات، ويتواجدون مُختصي التغذية عادةً في بيئات الرعاية الصحية والصحة العامة والبرامج التي تبحث في العافية والبحث في الأنظمة الغذائية والصحية.

في حين أن علم الغذاء (Food Science يشمل عدة مجالات فهو يهتم بدراسة التركيبات الفيزيائية والكيميائية والبيولوجية للغذاء، من اجل سلامة وجودة الغذاء، وهو يهتم بطرق معالجة الغذاء وحفظة وإطالة عُمرِه وتعزيز قيمته التغذوية، وإنشاء أصناف ووجبات غذائية جديدة، بالإضافة لكونه يدرس تكوين الغذاء وخصائصه، وضمان استدامته، ومدى كفاءة أنظمة إنتاج الغذاء لمعالجة مُعضلات الأمن الغذائي العالمي، والبحث في الإستراتيجيات التي تحدُّ من هدرِ الغذاء، وكذلك تحسين طرق تعليب وتغليف الأغذية وإطالة فترة صلاحيتها، وتوفير مصادر غذائية بديلة لم تكن استخدمت من قبل، او كانت محدودة الاستخدام. كما يعمل مُختصي وخبراء الغذاء مع مُختصي الإنتاج النباتي في تحسين طرق إنتاج المحاصيل وزيادة الغلة وتقليل الآثار السلبية على البيئة، ومُختصي الغذاء يجمعون بين البيولوجيا والكيمياء والهندسة وعلم الأحياء الدقيقة، وكذلك علم النفس. بإختصار يمكننا القول بأن علم الغذاء يهتم بدراسة التركيبة الفيزيائية والبيولوجية والكيميائية للغذاء، ويشمل ذلك فهم طرق معالجة الغذاء وحفظه وتعزيزه لضمان سلامة الغذاء وجودته وتغذيته.

وأهم المقررات التي يتناولها؛

تحليل الأغذية
حفظ الأغذية
تصنيع الأغذية والمكونات
سلامة الأغذية
تطوير الوجبات والمنتجات
البحوث التغذوية
التقييم الحسِّي
إدارة مخلفات الغذاء

وأهم أماكن عمل مُختصي علم الغذاء في مصانع الأغذية، وتطوير المنتجات وهندسة الأغذية ومراقبة الجودة. ومن المهارات التي قد يكتسبها مختصي علم الغذاء تتمثل في التطبيق المعرفي الأساسي في الكيمياء والفيزياء والرياضيات والعلوم البيولوجية والإحصاء، ووضع التصاميم التجريبية والمبادئ الإحصائية وأدوات تحليل البيانات البحثية، في تفسير وعرض البيانات في تطبيقات علوم الغذاء، وكذلك الوصف الكيميائي والخصائص الأساسية وتفاعلات مكونات الغذاء، وكذلك التطبيق العملي والمعرفيفي علم الأحياء الدقيقة والتي تشكل أساس جودة وسلامة الأغذية والمشروبات، والتعريف بمبادئ هندسة الغذاء وتوصيف العمليات طبقًا للنوع الغذائي ومعالجتها وتعبئتها وتغليفها وكذلك معالجة المياه، والمخلفات والنفايات الناتجة من إعداد وتصنيع الغذاء. بالإضافة إلى وصف الترابط بين المجالات الفرعية الأساسية لعلوم الغذاء في فهم المبادئ التي تتحكم بسلامة وجودة الغذاء، والتأثيرات البيئية على النظام الغذائي من المزرعة حتى المائدة.

ومن المهارات التي قد يكتسبها مُختصي علم الغذاء وعلم التغذية على حدٍ سواء؛ استخدام مهارات الاتصال الشفهي والمكتوب والعمل المُستقل والجماعي والقيادة باحترافية فيالعمل بنجاح مع الأفراد ذو الخلفيات المختلفة، وكذلك قدرتهم في اقتراح الحلول للمشاكل باستخدام مهارات التفكير النقدي وتقييم الموارد القائمة على الأدلة وتطبيق التفكير العلمي، والتفكير التحليلي في المواقف العملية للتساؤل عن الأسبقية واقتراح توصيات مدروسة للتحديات في العالم الحقيقي، عالم الغذاء والتغذية،

كما يمكن لخريجي قسم علوم الأغذية والتغذية عمومًا، العمل في مصانع الأغذية، والمنافذ الرئيسية للبلد، ومعاهد الأبحاث وسلامة وتحليل الأغذية، وكذلك صناعات التخمير والحبوب والخبز ومعالجة المنتجات اللبنية وحفظ الفواكه والخضروات، بأقل قدر مُمكن من المواد المضافة إلى الأغذية وتطوير المنتجات والتقييم الحسي وصناعة المشروبات والرعاية الصحية والتثقيف الغذائي.

*دكتور باحث في كلية علوم الأغذية والزراعة-جامعة الملك سعود

فيصل بن أحمد الشميري

طالب دكتوراة – كلية علوم الأغذية والزراعة في جامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى