دخل مجال العمل الصحفي مبكرًا وبعد إنهاء المرحلة الثانوية انخرط في العمل الميداني كمراسل حربي واستفاد من العمل في الصحافة حيث أكسبته الالتزام الشديد بالدقة في التعبير وتَجَنُّب أي فضول في القول فالصحيفة يهمها تبليغ الفكرة بأقل قدر من الكلام لذلك تحرص الصحف على تصوير الحوادث فالصورة عن ألف كلمة ولكن همنجواي نقل هذا الطابع المباشر والاقتصاد في اللغة إلى رواياته وقد أصبحت هذه مزية أسلوبية معروفة عنه فهو صاحب مدرسة أسلوبية يحاول كتاب آخرون أن يحذو حذوه ….
يشير الدارسون لفن همنجواي بأنه: ((يؤمن أن التجارب العنيفة في الحياة والترحال إلى الأماكن الخطرة هي غذاء الروائي ومادة كتابته)) إنه يرى بأن : ((جوهر الحياة لا يتكشَّف إلا من خلال الاحتكاك الشديد بالواقع أما من يتوقى المواجهة ويتوقف عند الحدود والأطراف ولا يتوغل في أعماق الواقع فلن يتعرف على جوهر الحياة)) ولن يضيف إلى قرائه تجارب كاشفة ومعبرة ……
المبدع يوسف إدريس يقول:
((إن همنجواي كان يبحث عن التجارب؛ يذهب إلى الحروب ويصطاد الوحوش))
أشهر رواياته رواية (الشيخ والبحر) وقد مثَّل المبدع الشهير أنطوني كوين دورًا يوصف بأنه دور خالد في الفيلم التلفزيوني المأخوذ من الرواية …….
في الغالب لا يتذكر الناس للروائي سوى الروايات لكن حياة المبدع تكون زاخرة بالتنوع لذلك تم اعتماد مشروع دولي لجمع رسائل همنجواي في اثني عشر مجلدا فالرسائل ثروة إبداعية كما أنها تكشف جوانب من حياة المبدع لا تكون معروفة من خلال الإبداع الروائي وحده …..
من أقوال همنجواي: ((العظماء أنجزوا معارفهم بأكمل وجه فأصبحوا عظماء بمرآة البشرية))
ويقول: ((العقل البشري يحمل في داخله أداة تدمير نفسه بل إنه أيضا بطبيعته غبي وجاهل)) ولكن معضلة الإنسان أنه لا يعترف بنقائصه فتستمر دون تصحيح ……..
أرنست همنجواي كوَّن ذاته معرفيا وأدبيا فاستحق التكريم العالمي: جائزة نوبل في الأدب ………..
في كتابه (لماذا نقرأ الأدب) يقول المبدع الناقد الإيطالي إيتالو كالفينو: ((مرَّ عليَّ وعلى الكثيرين حين من الدهر اعتبرنا أن همنجواي الزعيم الأوحد للأدب لكن سرعان ما رأينا محدوديته ونقائصه)) إن علينا جميعا أن نستحضر حقيقة بشرية عامة وهي: أولوية وأصالة وتلقائية النقائص أما الإيجابيات فهي عمل مثابر ومصابرة عازمة للجم نوازع الهبوط والدفع الدائم بالنفس نحو الأرقى والأجمل والأنفع..
اهيم البليهي