في عهد الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت كانت الحكومة تطرح نقل البريد الحكومي بين الولايات في منافسة عامة فعرفت الحكومة بأن الشركات قد اتفقت على سعر محدد أكثر مما يتناسب مع المهمة فقرر الرئيس روزفلت إلغاء المنافسة وتكليف الفيلق الجوي التابع للجيش بأن يقوم بمهمة نقل الرسائل. ولأهمية وصول البريد دون تأخير فقد كان الطيارون يقلعون حتى لو كانت الأحوال الجوية غير ملائمة ثم لا يملكون قدرة التصرف في الأحوال الجوية السيئة لأن تدريبهم لم يكن دقيقا ولا كافيا ففوجئ القادة والرئيس والأمريكيون بتكرار تحطم الطائرات التي تنقل البريد فخلال عشرين يوما فقط هلك تسعة طيارين وتحطمت الطائرات وكان ذلك مفزعًا فاستدعى الرئيس جنرالات الجيش للتأكد من أن الطيارين يتلقون تدريبا دقيقا وكافيا فأكدوا له ذلك وظلوا بكل ما يملكون من أجهزة عسكرية وإدارية لا يتوصلون إلى السبب وظلوا في حيرة ….
إن دانيال كويل يورد القصة كاملة في كتابه (شفرة الموهبة)
ثم يقول: ((جاءت الإجابة من مصدر غير متوقع من السمكري إيدين ألبرت لينك الذي كان يهوى الطيران وقد ابتكر آلة للتدريب على الطيران في الأرض فالمعروف أن الدماغ البشري لا يفرق بين الواقع والخيال فإذا مارس التدريب بخياله على (طائرة لينك التدريبية لتعليم الطيران) فإنه يعتاد ويكتسب المهارات المطلوبة للطيران الآمن ….
لم يصدقوا في البداية لكنه بالتجربة أثبت لهم أن ما يوصي به هو الحل الذي لا بديل له لتجنُّب تحطم الطائرات وإنقاذ الطيارين من الهلاك فكان عليهم اتباع الأسلوب الذي يقترحه وهكذا كان فتحقق له النصر وتحققت السلامة للطيارين …..
رغم أن الإمَّعية هي النمط السائد عند معظم البشر إلا أن قابليات الإنسان المفتوحة تسمح في أحيان شديدة الندرة باختراقات فردية لا يمكن أن تخطر على بال العموم فالإنسان إمكانٌ مفتوحٌ على التكيف بالواقع أو المزيد من الهبوط لكن الفرصة مفتوحة أيضا للصعود غير أن الهبوط تلقائي ويتكيف معه وتتدحرج إليه الأكثرية الساحقة أما الصعود فيتطلب الانتباه والتصميم والاندفاع واستمرار التوقد فالصعود حالةٌ فريدةٌ استثنائية …….

0