
دأبت أمي على ترقيع ثوبي المبقع بحمرة دم أصابع يديها اليابستين ، فقدت الاحساس فيهما منذ زمن !
تلف طرف الثوب على أصبعها فتغوص الإبرة فيه وهي جامدة تحت ظلال جدر من خرق بالية ، ذات شقوق متتالية تحدق بشئ بعيد لا أراه تعد نجوم السماء كل ليلة لتجيب عن سؤالي الذي سأمته متى نعود ؟!
فتلثم وجهي الملطخ
بموالح أنفي وتقول إذا انتهيتُ يابني من عدّ هذه النجوم !
مطبقا فمي ، أحدق معها تبتلع عيني الأفق ، تزمجر الريح ويثقل الهواء . يضغط على كياني يذكرني بهويتي الهلامية ( لاجئ ).
اخمش فروة رأسي بأظافري المتفحمة محطما بعضا من حشراته التي سكنته منذ حلمنا بحياة تلثم العدل وتعصف ريحها السموم بعصابات تقبس النارجمرها من ضلوعهم وأنفاسهم ظلمات أفنت أقدار الحياة .
تتساقط تلك الحشرات ، بدبيب حارق على أجفاني فتقفلها على ظلال دبيبها ، ويسقط بعضها على وجهي اللزج . رأسي صلب ، عظمة لايغطيها سوى جلد رقيق هش ! نحتته حبات الرمل وجمدته صفعات الصقيع .
غبشة وقبل الفجر اخرج مسابقا اسراب الطير وجموع المشردين على مكبات القمامة أهوي بكل كياني ماطا جسدي ، عينيّ تدور في محجريهما بين يدي كلب يلهث ، فمه يزدرد شيئا اجري نحوه بساقين كعصاتين ألطمه بإحداهما يعوي مهرولا ، ابعثر الأشياء التقط قطعة خبز اختلسها أخفيها تحت صديرية طهرت نفسها من روائح المكب برمال الصحراء غسلتها وأنا اتعثر بخطوات لاهثة لأصل لأمي ، احارب غبش عينيّ وسط هذا الضجيج . تتسع ثقوب نفسي ، يحشوها الخوف هذا صمدو ينتصب أمامي كأفعى الكوبرا ، تصاب مفاصلي بالخدر ، اضغط على جنبيّ ، اخفي قطع الخبز واغمض عيني ، أراقص وهمي !
يحملني بين يديه ينفضني في الهواء تتساقط قطع الخبز ثم يقذف بي كخرقة بالية ويمضي !