المقالات

تعلَّم بالممارسة فصار عالميا

لا تستطيع أية جامعة في العالم أن تُحَوِّل إنسانًا يفتقر إلى الموهبة وفاقدًا للرغبة الجياشة ولا يمتلك الحماس المتجدد أن يصبح صحفيا ناجحًا لافتا بالمستوى الذي يضعه في مكانةٍ عالمية معترَفٍ بها فالصحافة تتطلب الشغف الشديد والتوقد الذي يبلغ حد الذوبان واستثمار الوقت بأقصى حد واقتناص ما هو لافت ومثير مع قدرة على الرؤية الشاملة وإدراك أين تتجه الأحداث ولابد أن يكون الصحفي مثقفا ومتنوع المعارف ليكون قادرا على التعامل الموضوعي مع تنوعات ما يجري في العالم ……
وهكذا كان الصحفي البريطاني ماكس هيستينغر بدأ من الصفر وتعلَّم من الممارسة عمِل مراسلًا حربيا وغطَّى حرب الفوكلاند ثم أصدر كتابا عن هذه الحرب وسَخِر من الجانبين اللذين تقاتلا من أجل بقعة أرض لا تضيف لأي منهما أية مكاسب وإنما هي الحماقات البشرية المعهودة هي التي توجه الكثير من القرارات البشرية المدمرة …..
صار رئيسًا لتحرير جريدة (التلغراف) وكان يعمل تحت إشرافه محررون صاروا رجال دولة كبار وكان يتبع الجريدة شبكة مراسلين منتشرين في مختلف بلدان العالم وكانت الجريدة تحاول أن تقدم المعلومة الموثقة والرأي المدروس والرؤية عما هو متوقع …….
إن المهتمين بالشؤون العالمية لابد أنهم يعرفون هذا الصحفي البريطاني الذي بدأ حياته الصحفية من الصفر إنه لم يلتحق بأية جامعة بل بدأ في العمل الإعلامي مبكرا جدا بدأ بالتلفزيون ثم تحول إلى الصحافة وكان يرأس جريدة بريطانية مهمة ذات أهمية كبرى وكان رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون أحد الصحفيين الذين عملوا تحت إدارة ماكس هيستينغر …..
إن ماكس هيستينغر صحفي عالمي فقد صارت مؤلفاته الكثيرة مرجعا للدارسين لأنها تصف العالم من واقع المشاهدة والمعاناة والتدقيق والرؤية الفاحصة وكان ينطلق من مبدأ يعلنه تكرارا: ((علينا دراسة الأمور بإمعان والتحقق من الأوضاع بدقة وحرص وعدم التسرع بالنشر)) يقول: ((كنت شاهدا على أحداث فاجعة ومحورية كاغتيال مارتن لوثر كينج وروبرت كينيدي والاحتجات التي انفجرت بأمريكا)) أصدر عددًا من الكتب عن قضايا العصر مثل (حرب فيتنام) وكان يحرص بأن يبرز جوانب الحماقة في السلوك البشري فإعلان حرب هو قرار خطير لكنه خلال التاريخ تندلع حروب مدمرة لأتفه الأسباب ….
يحدد منهجه في رئاسة تحرير (التلغراف) فيقول: ((اختياري لرئاسة تحرير (التلغراف) كان تحديا مخيفا لأنه كان أول منصب قيادي في حياتي لكني كنت على يقين أن بإمكاني تولي القيادة بتحديد الأهداف وتحمل المسؤولية عند التعرض للعقبات والمشكلات والاستثمار بالطاقات المنتجة والكوادر الموهوبة والاستغناء عن الموظفين غير الأكفاء))
كان الرجل صاحب رؤية والتزام بهذه الرؤية وأثناء عملية الإقلاع بالجريدة اضطر أن يستغني عن أشخاص منهم واحدة كانت من أقارب رئيسة الوزراء السابقة مارغريت تاتشر فغضبت لكنه بقي مصممًا على عمليات الإصلاح التي تضمن للجريدة المستوى العالمي الذي يسعى إليه ،،،،،،،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى