المقالات

موسم استثنائي.. كيف استوعبت السعودية أكثر من 122 مليون زائر؟

في إنجاز غير مسبوق، نجحت المملكة العربية السعودية في استيعاب أكثر من 122 مليون معتمر وزائر في الحرمين الشريفين خلال شهر رمضان لعام 1446هـ، مما يعكس قدراتها الفائقة في التنظيم والإدارة والتخطيط الاستراتيجي على كافة المستويات.
هذا الإنجاز التاريخي لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة لرؤية طموحة، وتخطيط دقيق، واستثمار ضخم في البنية التحتية والخدمات والتقنيات، وتعاون من كافة الجهات المعنية، بروح الفريق الواحد.

أولاً: البنية التحتية المتطورة
استثمرت المملكة عشرات المليارات من الريالات في توسعة الحرمين الشريفين، ومرافق الخدمات، والمشروعات الحيوية مثل توسعة المسجد الحرام، ومشروع قطار الحرمين، والمطارات، وشبكات الطرق، ومراكز النقل، والفنادق، والمرافق الصحية، مما أسهم في رفع الطاقة الاستيعابية وسهولة تنقل الحشود وتوفير الراحة والأمان لهم.

ثانيًا: استخدام التقنية والذكاء الاصطناعي
اعتمدت الجهات المختصة على أحدث التقنيات والأنظمة الذكية في إدارة الحشود، والتنبؤ بالكثافة، وتوزيع الزوار، ومراقبة الحركة، وتقديم الخدمات مثل الترجمة الفورية، والإرشاد الرقمي، والتوجيه الذكي، والروبوتات لخدمة المعتمرين، مما خفّض التكدس ورفع كفاءة الخدمات.

ثالثًا: كوادر بشرية مدربة ومتطوعون متفانون
أكثر من 200 ألف فرد من مختلف القطاعات، من أمن، وصحة، ودفاع مدني، وخدمات بلدية، وتطوع، عملوا على مدار الساعة بروح وطنية، وحسٍّ عالٍ بالمسؤولية، لتقديم أرقى الخدمات لضيوف الرحمن، بلغات متعددة، وباحترافية عالية.

رابعًا: التخطيط المسبق والتنسيق المحكم
بدأت الجهات الحكومية والخاصة في الاستعداد المبكر لشهر رمضان، بوضع خطط تشغيلية متكاملة، ومتابعة تنفيذها ميدانيًا، وتقييم الأداء أولاً بأول، وتنسيق الجهود بين الجهات المعنية، مما أسهم في تحقيق الانسيابية والتناغم في تقديم الخدمات.

خامسًا: العمل بروح الرؤية الوطنية 2030
تجسد هذا الإنجاز روح رؤية المملكة 2030، التي تهدف إلى تحسين تجربة ضيوف الرحمن، وتعزيز مكانة المملكة في خدمة الإسلام والمسلمين، وتحويل موسمي الحج والعمرة إلى تجربة روحية ميسرة وآمنة، تتواكب مع تطلعات القيادة الرشيدة، وتليق بمكانة الحرمين الشريفين.

ختامًا
ما تحقق في رمضان 1446هـ من استيعاب غير مسبوق للمعتمرين والزوار في الحرمين الشريفين، هو قصة نجاح سعودية تستحق أن تُروى، وأن تكون نموذجًا يُحتذى به عالميًا في إدارة الحشود، وتقديم أرقى الخدمات في أصعب الظروف.
تحية فخر واعتزاز لكل من شارك وساهم في هذا الإنجاز العظيم.

عبدالله سعيد الزهراني

باحث في تاريخ وآداب المسجد الحرام

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى