المقالات

الخرطوم … المدينة المقبرة

الشعور بالغربة القسرية، وفقدان كامل مدخرات سكان عاصمة السودان المثلثة بمدنها الثلاث (أمدرمان، بحري، الخرطوم)، والمستقبل الرمادي الذي ينتظرهم، وهموم البناء والتعمير من جديد عقب الحرب، لقطات ترسم سيناريوهات العودة 10 ملايين نازح من السكان إلى ديارهم التي هجروها هرباً من رصاص “الجنجويد”.
من كافة المنافذ بدأت الجموع رحلة العودة، فمن مصر عبر المنافذ الشمالية، ومن المملكة العربية السعودية عبر المنفذ الشرقي من مدينة جدة، أو من إرتريا ومن الجنوب من إثيوبيا فيما يظل الغرب ملتهباً، والسكان المدنيون تحت رحمة النيران التي لا تفرق بين طفل وكهل لا ناقة لهما فيها ولا جمل.
الصور المنقولة عبر العائدين تبين مدي الدمار الذي طال كل شيء، في الأعيان المدنية ودور الحكومة والتعليم، وامتلأت آبار المياه داخل بعض المنازل بالجثث، فقد كان الجنجويد (تتار العصر) يغتالون المدنيين ثم يتخلصون من الجثث داخل آبار المياه الصالحة للشرب أو تلك المستخدمة في الصرف الصحي، وهو الوضع الذي سيضع العائدين في وضع لا يحسدون عليه، بيد أن السلطات لم تتركهم بل بادرت بأعمال الكشف، واستخراج الجثامين ومواراتها ثم تعقيم المساكن حتى يستطيع الناس السكنى من جديد.
حركة الأهالي لإعادة مدنهم سابق عهدها لم تتوقف، والسلطات المحلية في مدينة أمدرمان قامت بنقل ودفن 822 جثة – بحسب تقرير منشور – تلك الجثث كانت مدفونة داخل المنازل، والمدارس، وتحت الأشجار وفي الأحياء السكنية. بعض تلك الجثامين أضطر الأهالي لدفنها خلال فترة الحرب في أماكن غير مخصصة للدفن نتيجة للحصار والاشتباكات الضارية التي شهدتها المدينة، فاحتضنتهم الأحواش أو داخل الغرف فمحاولة خروج الأحياء لدفن موتاهم تعني التعرض لخات الرصاص من مختلف الأرجاء.
عقب صمت صوت الرصاص بدأت جموع السكان في التكتل بالتعاون مع السلطات لتعديل ما يمكن تعديله من خلال العون الذاتي ووقوف الدول الشقيقة للإسهام في إعادة الإعمار، حيث بادرت المملكة العربية السعودية وقطر ومصر قبل غيرهم بالإعلان عن توجههم لمد يد العون لدعم المناطق المتأثرة بالحرب خاصة في العاصمة المثلثة.
الإحصاءات تشير إلى أن عدد النازحين تجاوز 10 ملايين، فيما تجاوز عدد القتلى 20 ألف شخص، والجرحى 15 ألف شخص، بيد أنها إحصائية غير دقيقة نسبة لغياب كافة الخدمات الصحية والإحصائية طوال سنتي الحرب، فيما أشار برنامج الأغذية العالمي إلى أن 18 مليون شخص يواجهون انعدامًا حادًا في الغذاء.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. تتار العصر وانتشار الأمراض في العاصمة المثلثية نسأل الله أن يلطف بالعباد ويصلح الحال.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى