المقالات

عبد الله الربيعة… حين تُجسّد الرحمة في يد طبيب.

في لحظة، تحوّل مدرّج كلية الطب بسوسة بالجمهورية التونسية إلى مسرح إنسانيّ بامتياز، لا تحكمه الكلمات الجافة ولا المصطلحات العلمية، بل تفيض جنباته بمشاعر خالصة هزّت قلوب الطلبة وأساتذتهم على حدّ سواء. كان ذلك حين اعتلى الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة، المستشار في الديوان الملكي السعودي والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، المنصة ليتحدث عن تجربة تجاوزت حدود الطب، لتلامس جوهر الإنسانية.

بدأ حديثه عن “مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية”، ذلك الصرح الذي يحمل راية المملكة في العمل الإنساني، ويجسّد رؤيتها الرحيمة بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان. تحدّث الربيعة بصوت يفيض فخرا وتأثرا عن البرنامج السعودي لفصل التوائم السيامية، الذي تحوّل إلى قصة نجاح ملهمة للعالم، بفضل دعم القيادة السعودية الرشيدة وإيمانها العميق بقيمة الإنسان.

السفير عبد العزيز بن علي الصقر

من أكثر من خمس وعشرين دولة، أنقذ المركز عشرات الأطفال، وفتح نوافذ الأمل لعائلات أنهكها الانتظار والخوف. كانت كل عملية فصل، بكل تعقيداتها الجراحية والإنسانية، شهادة حيّة على التزام المملكة تجاه البشرية دون تمييز، وعلى قدرتها على تقديم الطب بمعاييره العالمية، ووجهه الإنساني النقي.

ولأن العطاء لا يضيع صداه، فقد بادرت المملكة باقتراح تخصيص يوم عالمي للتوائم الملتصقة، اعتمدته الأمم المتحدة رسميًا في 24 نوفمبر، تخليدًا لملحمة من الرحمة والطب النبيل.

ثم، وبروح الطبيب الذي عرف الألم واحتضنه، وبحضور وزير الصحة التونسي السيد مصطفى الفرجاني وسفير خادم الحرمين الشريفين د. عبد العزيز الصقر تحدّث الدكتور الربيعة عن تجربته الشخصية امام ممارسي الطب من عمداء ورؤساء أقسام واطباء متخصصين وطلبة عن الطب الذي يمارسه بشغف والذي اختاره رسالة لا مهنة، ونذر له عمره وراحته، وحتى دمعه حين يستدعي الأمر. لم يكن حديثه عن ذاته، بل عن رسالته: أن يعيد الحياة، أن يرمّم الأرواح، أن يكون الضوء في عتمة المرض..

ذلك اليوم في كلية الطب بسوسة، لم يكن عاديًا. كانت القاعة تغصّ بطلاب لم يتمالكوا دموعهم أمام سيرة طبيب لا يصنع الحياة فحسب، بل يخلق الأمل، ويحوّل المستحيل إلى واقع. لم يكن الدكتور عبد الله بن عبد العزيز الربيعة مجرّد ضيف، بل كان لحظة فارقة ستظل محفورة في ذاكرة من حضر، لأنه لم يأت ليشرح عملية، بل ليعلّم درسًا خالدًا في الإنسانية، ويقدّم صورة ناصعة عن وطن آمن أن القوة الحقيقية تكمن في الرحمة.

 

حذامي محبوب

صحفية تونسية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى