المقالات

طلاب في الذاكرة

يخطيء من يظن بأن مهنة التدريس مجرد وظيفة تؤدى وفقًا لمنهج ومقرر ، بل هي بالفعل رسالة سامية تُبنى على الإخلاص ، وتصنع فرقًا في حياة الأفراد والمجتمعات. ومن بين أجمل محطات حياتي وأكثرها أثرًا وخلودًا في الذاكرة، كانت تجربتي التعليمية الطويلة والممتدة في رحاب قسم الإعلام بجامعة الملك سعود، التي احتضنتني أكثر من أربعة عقود، وفتحت لي آفاقًا للتواصل الإنساني والعلمي مع أجيال من الطلاب ، الذين تحول كثير منهم ما شاء الله تبارك الله إلى قادة في مجالاتهم، ووجوه بارزة في سماء الوطن.
إن من يطرق أبواب الذاكرة لا بد أن يجد وجوهًا لا تغادره ، وأسماء تبقى رغم تعاقب السنين ، أولئك الذين لم يكونوا مجرد طلاب بل كانوا شركاء في رحلة علمية وإنسانية ، اتسمت وامتلأت بالاحترام والمواظبة والاجتهاد. ومن دواعي سروري وفخري واعتزازي أنني رأيت عددًا من طلابي وهم يرتقون سلم التميز ، حتى نال بعضهم درجات علمية رفيعة ، وعادوا زملاء لي في القسم ذاته الذي تلقيت فيه رسائلهم ذات يوم . من بين هؤلاء النخب أعتز كثيرًا بالأستاذ الدكتور مطلق المطيري ، أ.د. عبدالرحمن النامي ، د.سعود الغربي، د.فيصل العقيل، د.أسامه النصار، د.طلال الشثري، د.عبدالله المرعي، د.محمد المستادي، د. دشن القحطاني، د.سعود السليمان ، د.عبدالعزيز فقيهي ، د. محمد القحطاني، د.ايمن الحماد ، د.عادل الحربي ، د.ناصر الهزاني ، و د.نايف خلف. فكل منهم يمثل قصة كفاح ونجاح مختلفة ، لكنهم يجتمعون في سمة الوفاء والانتماء، ويمثلون الامتداد الحقيقي لرسالة العلم. ولم تقتصر مسيرتي على الأكاديميين فحسب ، بل تخرج من تحت يدي إعلاميون بارزون ، ومثقفون مبدعون ، منهم الأستاذ زيد بن كمي، أ.فارس بن حزام، أ.محمد البيشي ، ا.منصور العساف، أ. هيثم الهملان ، أ.عبدالمحسن الحربي ، أ.مطلق البقمي، أ.صالح الصالح ، أ.سعود القحطاني ، أ. سلمان المالكي ، أ.هاني الصفيان ، أ.عوض الفياض ، أ.نايف الوعيل، أ.مطر الشمري، أ.علي القحطاني، أ. مشعل الوعيل، أ.انس الخميس ، أ. فيصل المغيصيب ، أ.عبدالرحمن العابس ، أ.عبدالعزيز الحميد ، أ. عبدالله الزهيان ، أ.سعد المسيحل ، أ.فهد الحساني أ. جمال القحطاني ،أ.ماجد القاسم، أ.سامي الدخيل ، أ.سعد القويفل ، أ. مشعل المطيري ، أ. فيصل العيفان ، أ.محمد بن سيار ، أ.إبراهيم الدميخي ، أ.بندر الشريف ، أ.متصور الحمدان ، أ.طارق الجبر ، أ.براء مختار ، أ.فهد النفيسة ، أ.فيصل عسيري ، و أ.ماجد الشلهوب. وكل واحد منهم يمثل حجر أساس متين في صرح الإعلام الوطني ، سواء عبر الصحافة أو القنوات الفضائية أو المنصات الرقمية.
اكرر ان المفخرة الكبرى والمهمة ، فهي أن يزاملني بعض طلاب الأمس كزملاء اليوم ، في التدريس والبحث العلمي ، يشاركونني القاعات والنقاشات، بل ويساهمون في تطوير المناهج والإشراف على طلاب جدد ، تمامًا كما فعلت معهم في بداية رحلتهم.
ولا يمكنني أن أنسى أيضًا النماذج اللامعة من الخريجين الذين خدموا الوطن في القطاعات العسكرية ، يتقدمهم العميد فتن العتيبي، الذي يُعدّ مثالًا في الانضباط والتميز والولاء الوطني ، وهو خير شاهد على امتداد أثر الإعلام والتعليم إلى مجالات متعددة. إن ما يبعث السرور حقًا هو أن العلاقة لم تنتهِ بالتخرج أو انتهاء المحاضرات، بل ظلت مستمرة عبر الزمن، عبر اتصالات وتواصل ولقاءات وتهنئات ومواقف وفاء لا تُنسى، تؤكد أن العلاقة بين الأستاذ وطالبه ليست عابرة ، بل هي استثمار طويل الأمد في بناء الإنسان. إنني أكتب هذه السطور لا لأعدد أسماء النجاح ، بل لأستحضر معهم قيمة التعليم، ومعنى الرسالة الأكاديمية، وروح التواصل الإنساني الذي يجمع المعلم بتلاميذه. ولعل هذه التجربة الغنية بما فيها من ذكريات ونجاحات ومواقف إنسانية تشكل إرثًا مهنيًا وشخصيًا يستحق أن يُروى للأجيال القادمة ، وأن يكون نموذجًا للقدوة في العلاقة بين المعلم وطلابه.
ختامًا، أقولها بكل فخر: إنهم لم يكونوا فقط طلابي ، بل كانوا أيضًا مصدر إلهامي ، وسر استمراري ، وعنوانًا للوفاء، فشكرًا لهم من الأعماق على ما كانوا ، وما أصبحوا عليه ، وما زالوا يقدمونه لوطنهم ومجتمعهم ، داعيا الله لهم بالتوفيق الدائم والمستمر.

• أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

د. تركي بن فهد العيار

أستاذ الإعلام بجامعة الملك سعود

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى