رغم الدور العظيم الذي حققه للصين ماو تسي تونغ إلا أنه في سنواته الأخيرة دمر الصين بما أسماه الثورة الثقافية وما أن مات حتى تقدم دينغ كسياو بينغ لقيادة الصين ففجر طاقاتها الكامنة ودفعها في مجالات التنمية الشاملة لتنافس أمريكا وعلى وشك أن تكون قطبًا معادلا لأمريكا يحقق التوازن ويزيل الاختلال في الوضع الدولي ……..
الصين يبلغ سكانها ثلاثة أمثال قارة أمريكا الجنوبية بكل دولها لذلك قيل: إذا استيقظت الصين اهتز العالم فالصين ليس مجرد وطن بل هو أمة ضخمة عريقة تمثل خُمس سكان العالم بأكمله …..
دينغ كسياو بنيغ توقف في التعليم على المرحلة الثانوية لكن التعليم لا يصنع القادة فالحصول على أرفع الشهادات لا يؤهل للقيادة وعدم الحصول على شهادات تعليمية عالية لا يؤثر على مستوى الزعامات التاريخية فالتعليم يهيئ الدارسين لاكتساب مهارات مهنية وعملية لقد جرى إعدادهم للتطبيق وتنفيذ التعليمات وليس للإبداع والقيادة …….
هذا القائد المذهل صدرت عنه مئات الدراسات والكتب والتقارير والتحليلات إنه شخصية قيادية فذة فرغم أنه تربى في ظل الحزب المنغلق وعاش عمره في نطاق النظام الماوي الخانق إلا إن عقله ظل متفتحا ينتظر الفرصة لا ليخلق لنفسه هالة وأسطورة وإنما ليحرك هذا الشعب الهائل وليفجر الطاقات الكامنة في الصين وليفتح الصين على كل الآفاق وليستفيد من كل التجارب فقد كانت الثورة الثقافية قد تسببت في اختناق شديد شمل كل قطاعات الحياة فكانت الصين بأمس الحاجة إلى قائد استثنائي يشفي الصين من أسقامها المميتة وينقلها من أمة بائسة يموت الناس في الشوراع من الجوع وسوء الأوضاع إلى أمة تتصدر المشهد الدولي على كل المستويات …….
كان ماو تسي تونغ قد غضب على كسياو بينغ فأبعده وجرده من جميع السلطات ومن كل المناصب لذلك يقال من حسنات ماو أنه لم يُعدم كسياو بينغ فأبقى على حياته وبقي مهمشًا حتى وفاة ماو تسي تونغ فتقدم إلى الصدارة ووضع الصين على المسار السليم الذي تعيش الآن نتائجه الباهرة …….
إن التعليم قد أعطي من الهالات ما لا يتناسب مع نتائجه الهزيلة فالتعلم قسرًا أو اضطرارًا مضاد لطبيعة الإنسان التلقائية إن قابليات الإنسان لا يمكن إرغامها فإذا أُرغمت أصيبت بالانسداد والنفور والعطب……

0