غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – حين رأى مع عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – شيئا مكتوبا من التوراة وقال له:( [COLOR=green]أفي شك أنت يا ابن الخطاب ألم آت بها بيضاء نقية لو كان موسى أخي حيا ما وسعه إلا اتباعي[/COLOR]) من يتأمل سبب غضب الرسول – صلى الله عليه وسلم – يعلم بأنه لم يغضب لأمر هيّن، أو لأمر دنيوي، بل غضبه كان لأمر جلل لا يمكن السكوت عليه، فغضبه كان لله وفي الله ومن أجل دين الله الإسلام، غضبه – صلى الله عليه وسلم – كان تشريعا لرسم المنهج الإسلامي في التعامل مع المبادئ والأفكار المخالفة للدين الإسلامي، كان لبيان حقيقة قوله تعالى:([COLOR=green]ما فرطنا في الكتاب من شئ[/COLOR]) وقوله تعالى:( وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون) وقوله تعالى:( [COLOR=green]وكل شئ فصلناه تفصيلا[/COLOR]).
فالرسول -صلى الله عليه وسلم – يقرر بغضبه حقيقة أن الإسلام كامل لا نقص فيه، وليس بحاجة إلى أفكار وتعاليم ومبادئ دخيلة عليه كي تكمّله أو توضّحه، أو تفسّره أو تؤيّده، فأحكامه وتعاليمه صالحة لكل مكان وزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
إن غضب الرسول – صلى الله عليه وسلم – رسالة ومنهجا لأمته لترك كل مذهب وفكر ودين، والتمسك بتعاليم الإسلام في شتّى مجالات الحياة الخاصة والعامة ففيها الخير والصلاح للفرد والمجتمع.
وإن المسلم الحق اليوم ليقف متعجبا أمام ما يراه هذه الأيام من الدعوة إلى الليبرالية، والدفاع عنها، وعن مبادئها وأفكارها، ويتعجب كل العجب ممن يحاولون إبراز محاسنها الكاذبة، وشعاراتها البراقة الزائفة، والحرص على إشاعتها ونشرها بالمجتمع، وهم يعلمون سبب غضب النبي – صلى الله عليه وسلم – وقوله:( ألم آت بها بيضاء نقية).
فمن العجب أن ينبري الكاتب تركي الحمد للدفاع عن الليبرالية بمقاله ” الليبرالية ببساطة: عش.. ودع غيرك يعش) بجريدة الوطن يوم الأحد 27/1/1432هـ.
ومن العجب دفاع الكاتب يوسف أبا الخيل عن الليبرالية بمقاله ” الغذامي والليبرالية الموشومة..! ” بجريدة الرياض يوم السبت 19/1/1432هـ.
ومن العجب دفاع الكاتب عبدالعزيز السماري عن الليبرالية بمقاله ” هل حان وقت حرق الكتب يادكتور؟ ” بجريدة الجزيرة يوم السبت 19/1/1432هـ.
ومن العجب دفاع الكاتبة بدرية البشر بمقالها ” نعم أنا ليبرالي وش عندك ” بجريدة الحياة يوم السبت 26/1/1432هـ.
ومن العجب دفاع الكاتب عبدالرحمن الراشد بمقال “ذموا الليبراليين كما تحبون” بجريدة الشرق الأوسط يوم الأحد 13/1/1432هـ
أليس من العجب أن كل هؤلاء الكتّاب وغيرهم كثير من كتّاب الصحف اليومية ممن يدعي العلم والثقافة يدافعون عن الليبرالية بشكل تمجه الأنفس المؤمنة بالإسلام عقيدة وشريعة.
[COLOR=blue]إن الليبرالية التي يدافعون وينافحون عنها ما هي إلاّ 🙁 فلسفة مادية إلحادية تحت شعارات خادعة، كالحرية، والتسامح، والانفتاح، وحقوق الإنسان، ومواكبة الحضارة وغيرها ) حتى وإن حاولوا إلباسها بثوب إسلامي، أو الاستشهاد ببعض النصوص الشرعية، أو بيان موافقتها للإسلام، فتبقى الليبرالية مذهب بشري غربي ضد الأديان، يقوم على الحرية المطلقة المناقضة للإسلام في أصوله ومنهجه وقيمه وأخلاقه، وصدق الدكتور عبدالرحيم السلمي بوصفه لها بأنها:( مذهب الجاهلية الغربية المعاصرة ).[/COLOR]فالشعارات التي تعتمد عليها الليبرالية شعارات جوفاء ظاهرها الرحمة والإصلاح، وباطنها السم الزعاف، ومثل من يعتقد بأن الليبرالية طريق الإصلاح كمثل من يجري خلف السراب، فإذا جاءه لم يجده شيئا، وعلم عندئذ أنها خدعة يراد بها إغواء المسلمين وصدهم عن مصدر عزهم، وما وصلت إليه المجتمعات الغربية من فساد في القيم والأخلاق شاهد على حقيقة الليبرالية.
لقد غضب الرسول – صلى الله عليه وسلم – من عمر – رضي الله عنه – وبيده التوراة، فكيف به لو رأى أتباعه في زماننا وهم يتبنّوْن منهجًا مخالفا للإسلام، ويحملونه عقيدة وفكرا، ويدافعون عنه، ويغضبون من أجله وكأنه من شرع الله، ولكنه الجهل بحقيقة الإسلام وتعاليمه ومقاصده، والهوى الذي أصم وأعمى كثيرا من الناس.
فهل من غضبة لله وفي الله من ولاة الأمر كغضبة المصطفى – صلى الله عليه وسلم – توقف ضعاف النفوس عند حدهم.
[ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمود بن عبدالله القويحص[/COLOR] malqwehes@gmail.com [/ALIGN]