المحليةالمقالات

ما يريده المواطن?

[ALIGN=RIGHT][COLOR=crimson]ما يريده المواطن ؟[/COLOR][/ALIGN]

هل يصدق علينا نحن معاشر العرب أن معظم أعمالنا وقراراتنا ردة أفعال لما يقع لنا من مشكلات وعقبات، فلا نحرك ساكنا حتى تحدث المشكلة، وكأننا جهاز للدفاع المدني ننتظر ونترقب لحين تشتعل النار ويعلو لهبها فنسارع في إطفائها وإخمادها.

إنّ الأحداث التي جرت في تونس، وما أعقبها من تطورات داخل الوطن العربي من قبل الأفراد والجماعات، وخروجهم للشوارع بشكل جماعي في مظاهرات للشجب والاستنكار ضد الحكومات وسياساتها وأساليبها مع شعبها، وقيام بعضهم بإحراق نفسه كتعبير عن غضبه تجاه الأوضاع، ولبيان مطالبه ومطالب مجتمعه، يدعونا للتأمل في الدوافع والمطالب التي جعلت المواطنين يقدمون على هذه الأفعال، ويتبادل إلى الذهن مع كل حادثة سؤال مفاده لماذا كل هذا يحدث؟ وما هي المطالب التي يطالب به المواطن ويأمل أن تتحقق كي يشعر بالسعادة والاستقرار؟.

وبنظرة فاحصة متأملة في الأوضاع الراهنة، وما يريده ويتمناه الفرد كمواطن ينتمي إلى مجتمع داخل وطن في أي مكان كان، وتحت أي حكومة كانت، يعلم بأن أهم المطالب وأعظمها هو: الأمن.

[COLOR=crimson]نعم الأمن بمفهومه الشامل، [/COLOR]وليس بمفهومه القاصر على حفظ البدن والمال من التلف، الأمن الذي تتوق إليه الأنفس، وتسعى إلى تحقيقه الشعوب، ويتمناه كل مواطن.

الأمن الذي يجعل الأفراد داخل مجتمعاتهم يعيشون حياة كريمة، فيها الشموخ، والعز والأنفة، والإحساس بالإنسانية الحقيقية.

الأمن الذي يشعر فيه المواطن بالاستقرار النفسي، والطمأنينة، وراحة البال، وزوال جميع مشاعر الخوف والقلق، وظلام المستقبل عنه، ويحيى بسببه حياة إنسانية طيّبة كريمة، فينصرف فكره وجهده وعمله إلى ما فيه نفع له ولمجتمعه، فبالأمن يكون المواطن حرا شجاعا، منتجا معطاءً خالياً من الأفكار السلبية، لا يشعر بالظلم والاضطهاد.

ولهذا توافرت كثير من النصوص الشرعية، لبيان أهميته، حتى صار مطلبا وهدفا تسعى الشريعة الإسلامية لتحقيقه من خلال نصوصها وأحكامها ومقاصدها.

فزوال الأمن وشعور الفرد بالخوف يترتب عليه الفوضى والاضطرابات، والقتل والنهب، وإتلاف الأنفس والممتلكات، والشعور بالإحباط والفشل، واليأس والقنوط، وما يحصل الآن في كثير من الدول العربية ما هو إلاّ نتيجة لزوال الأمن بمفهومه الشامل.

ويكفي أنّ الله عز وجل جعله هبة ومنحة إلهية لمن رضي عنهم من المتقين الأبرار قال تعالى:( [COLOR=green]الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولائك لهم الأمن وهم مهتدون[/COLOR] ).

وقد بيّن مكانة الأمن المصطفى – صلى الله عليه وسلم – في قوله:([COLOR=blue] من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا [/COLOR]).

إنّ الأمن الشامل مجموعة من أنواع الأمن تشكّل بمجملها منظومة مترابطة من الصعب انفكاكها عن بعض، ومن أهم أنواع الأمن الشامل الضروري لكل مواطن ما يلي:

الأمن الاقتصادي الذي يُؤمّن للفرد سبل المعيشة، وطلب الرزق، ويجنبه الفقر وويلاته، ويؤمن له احتياجاته الأساسية. وذلك بخلق فرص للعمل، ومحاربة البطالة، وتأمين الغذاء بشتى أنواعه، وبأسعار في متناول الجميع، وتوزيع الثروات بالعدل ” بالعدل “.

والأمن الصحي المجاني، المتوفر بكل سهولة لجميع المواطنين دون مشقة أو عناء، أو تمييز بين طبقات المجتمع، فالغني والمسؤول يجد العلاج، والفقير يموت ولا يجد من يصرف له الدواء.

والأمن الأخلاقي الذي به يأمن المواطن على أخلاقه، وأخلاق من يرعاهم في أسرته، فإن ما نلمسه اليوم من الانفلات الأخلاقي داخل معظم الدول العربية ما هو إلاّ بسبب الإعلام المرئي والمقروء وما يبث بهما من رذيلة هدفها إبعاد المسلم عن دينه، وتمجيد الفن الساقط المبتذل وأهله، والدعوة للتقليد الأعمى للغرب من خلال برامجهم وأفلامهم وأخبارهم، والإذن والسماح ( بل ورعاية ) أنواع المنكرات بحجة الحرية الزائفة، كل ذلك يستلزم على الحكومات التدخل الفوري لوقف هذا السيل الجرار من الشر، حفاظا على الأمن الأخلاقي من تفشي الفواحش، والانحرافات السلوكية، المسببة لزوال الأمن، وحلول العذاب، ولا عبرة لمن يطالب بها، أو يرعاها، امتثالا لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم:( لتَأخذنّ على يد السفيه، ولتَأْطُرنّه على الحق أطرا، أو لَيوشكنّ الله أن يضرب قلوب بعضكم ببعض، ثم يلعنكم كما لعن بني إسرائيل).

[COLOR=crimson]والأمن الفكري [/COLOR]الذي به يحافظ المجتمع على قيمه ومبادئه من الآراء الهدامة المخالفة للمنهج الإسلامي، ومن الأفكار التغريبية أو التطرفية.

[COLOR=crimson]وأعظمها وأهمها في الحياة هو: الأمن الديني. [/COLOR]

فبالأمن الديني تتم السعادة الأبدية في الدارين، ويأمن الناس على عقيدتهم ودينهم، ويشعروا بالعدل والراحة والطمأنينة، وبه يتم التمكين في الأرض لمن قام به حق القيام قال تعالى:( وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا ومن كفر بعد ذلك فأولئك هم الفاسقون).

[COLOR=crimson]وبفقدان هذا الأمن[/COLOR] الديني فلا حياة هنيهة ولا استقرار. ولا يحصل الأمن الديني للمواطنين إلاّ بتوحيد الله عز وجل وإفراده بالعبادة، وإظهار شعائر الإسلام ودعوة الناس إليها، وتفعيل شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبتطبيق شرع الله والبعد عن الأنظمة والقوانين الوضعية المخالفة للكتاب والسنة، وإقامة الحدود الشرعية فبها يستتب الأمن بالكلية، ويُعبد الله على بصيرة، ويأْمن الناس على دينهم، وأنفسهم، وأعراضهم، وأموالهم، وعقولهم، فالأمن الديني أعظم أمن يتمناه المواطن.

[COLOR=crimson]فمتى حققت الحكومات[/COLOR] الأمن الشامل لمواطنيها عاش الجميع بنعمة ورخاء واستقرار، فالأمن أساس الحياة، ومن أهم مقومات واستمرارية الحكومات، ومن أعظم أسباب رضى المواطن عنها.

[COLOR=crimson]إنّ الأمن بمفهومه الشامل غاية يجب على كل حكومة تبحث عن استقرارها، واستقرار شعبها أن تسعى جاهدة لتحقيقه.[/COLOR] [ALIGN=LEFT][COLOR=blue]محمود بن عبدالله القويحص
[/COLOR]malqwehes@gmail.com
[/ALIGN]

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى