قال الـضَـمِـير الـمُـتَـكَـلّـم : ( الـعِـلمانية ) وترجمتها الصحيحة : اللادينية أو الدنيوية ، وهي دعوة إلى إقامة الحياة على أساس العِـلم الوضعي والعقل ومراعاة المصلحة بعيداً عن الدين الذي يجب أن يبقى حبيـس ضمير الفرد ، وبينه وبين ربه ؛ وما فيه من ممارسات تكون فقط في دور العبادة ولا علاقة لها بأنظمة الدولة وتشريعاتها !! أو هي بالمفهوم الدّارج ( فـصْـل الدين عن الدولة والحياة ) .
تلك ( العلمانية ) مِـن المسلمات أنها تتعارض مع ديننا الإسلامي الذي هو شريعة ربانية لكل تفاصيل الحياة وما بعد الممات ؛ ولكن للأسف الشديد هناك من كَـرّس بقصد أو دونه ( لـعلمانية إسلامية ) تختزل فروض الإسلام وتشريعاته في عبادات ومظاهر معينة ، وتفصلها عن أخلاقيات التعامل اليومي بين الناس !!
فخلال مدة زمنية كانت المنابر والمواعظ لا حديث لها إلا ( عن الثياب وتحريم إسبالها ، والأغاني وحرمة الاستماع لها ـ والمرأة ووجوب لباسها عباءتها التي على رأسها !!
ولا شك في أهمية تلك الأمور وأهمية التنبيه عليها ، ولكن اختزال الدّين فيها ، أخرج فئة من المجتمع حصرت الدّين في العبادات الفَـردية وفي تلك القضايا ، ونزعته من التطبيق والممارسة الاجتماعية والعملية ؛ والشواهد كثيرة :
( مدير ما ) يلبس رداء التّدين في مظهره ، ولكنه عند اختبار التعامل فإنه يتخلى عن ذلك ؛ فيظلم موظفيه ، ويتجاوز الأنظمة ، ويُـفَـعّـل دور الواسطة لمصلحة التيار الفكري الذي ينتمي له أو القبيلة أو المنطقة التي ينتسب لها ، وربما أخذ من المال العام بذريعة أنه بيت مال المسلمين وله حق فيه !!
(مدير آخر) مكانته ومكانه وهيئته تنادي بأنه المِـثَـال والقدوة في تعاملاته ؛ فيصدمك ، بعدم التزامه بالدّوام ، وتهاونه بالمواعيد ؛ ثمّ بتكبره في لقاءاته ؛ فهو يرمقك من تحت النظارة ، وحتى السّلام ربما لا يرد عليه ؛
( شخص مَـا ) لا يتورع عن الـقَـدح في مخالِـفي فِـكره ، وغيبتهم ؛ بل وإمطارهم بالشكاوي الكيدية ؛ والحجة أنهم ليسوا على الـمَـنْـهَـج ( منهجه طبعاً ) !!
مشهد رابع : الطريق مزدحم ، وهناك عربة تقف في منتصفه ، وتَـسُـده دون اهتمام بحقوق الآخرين ، تقترب منها ؛ فتجد رجلاً يلوك مسواكه ، تعاتبه وتذكره بحقوق الطريق ؛ فيهز رأسه مستهزئا بك ، متناسياً أنه أصبح الأذى الذي تجب إماطته عن الطريق !!
الصور كثيرة ، ولكن ما يجب التأكيد عليه أن تلك الممارسات تقع من غير المتدينين أيضاً ؛ ولكن وقوعها ممن يتلبسون بالدين أو هكذا يزعمون يشوّه صورة الإسلام المشرقة البيضاء !!
وبقي يا ( ذاك ) صلاتك لك ، صيامك لك ، حجك لك ، ، ثوبك لك ؛ ما يهمّ الناس هو تعاملك ؛ فالدّين المعاملة ؛ ولو طبقنا ذلك لـمَات كلّ فساد !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .