قال الـضَـمِـير الـمُـتَـكَـلّـم : قبل خمس سنوات تقريباً تطلعت أن يكون لي رأي وصوت في الخدمات البلدية , ولذا كنت فَـرِحَاً بتلك الانتخابات وبادرت بتسجيل اسمي وبياناتي !!
جاءت فترة تقديم المُرَشّـحِين لأنفسهم , وبدأ الصراع فرأيت وجوهاً قد ازدانت بأصباغ الحلاقين والصالونات ، وتجملت بـ (فوتوشوب الاستويدهات) !
أما المَـقَـارّ ( الانتخابية ) للمرشحين فقد اتفقت على ( الرّز والمُفَـطّحـات ) ، واختلفت برامجها بين استجلاب (بعض الدعاة المشهورين ), أو الشعراء المرموقين , وكلٌ يغني على ليلاه !!
اقترب موعد الاقتراع , وحَـمِـي الوطيس ، وبدأت معركة الرسائل والإيميلات وخرجت القوائم الذهبية والفضية !!
ورغم محطات الإحباط التي أصابتني قرّرت مواصلة الدرب فلا بد أن أكون مشاركا !
استيقظت باكراً ( صَـوّت ) ، بعدها بأيام اكتشفت ( كم كنتُ ساذجا ) إذ أضعت وقتي وفكري بتلك المسماة بالانتخابات !!
فالفائزون عموماً لم تأت بهم كفاءتهم أو خدمتهم لوطنهم أو برامجهم المستقبلية ؛ بل منهم من دخل المجالس البلدية على ظهر موجة تيار فكري أراد إثبات سطوته وتأثيره في المجتمع ، وفريق منهم جاء على صهوة عصبية قَـبلية أو مناطقية أراد إثبات المكانة والأهمية والحَـمِـيّة ، وطائفة حضرت بنقـود آباء كانوا يتحكمون بالاخرين بدراهمهم ؛ فأرادوا توريث النفوذ لفلذات أكبادهم !
حاولت هضم تلك المنغصات وقلت : ( لعل عسى ) , وبدأت الجَـلَسات فكانت صدمة الصدمات ، والضربة القاضية ؛ فأغلب المجالس البلدية تزعمها ( أمناء البلديات أو رؤساؤها ) , وهنا المجالس البلدية من أهم أدوارها مراقبة أداء البلديات ؛ فإذا كان أمين أو رئيس البلدية هو من يُـدير المجلس ، ويسيطر عليه ؛ فسوف تبرز القاعدة ( إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي ) إلا إذا انتقد نفسه وعمله في أمانته أو بلديته ؛ لِـتَـظهر صورة الشاعر العربي ( الحطيئة ) الذي كان يهجو نفسه ؛ ولكن هذا بعيد وشاذ !!
ويبقي السؤال أنظمة وصلاحيات المجالس البلدية لم تتغير ؛ فلماذا نواصل نَـزْف المال العام والخاص على تجربة غير ناجحة .
وأخيراً أعدكم لن أكون ساذجا هذه المرة ، توبة فلن أعيد الكرة !! ألقاكم بخير والضمائر متكلمة .