المحليةالمقالات

شبيهي الجبان

كنت أول المحتفلين مع مراعاة فارق التوقيت بين العاصمة واشنطن, وعاصمتي بغداد . كان الفوز مذهلا.. شاب أسمر طويل كالذي غنته مطربة عربية (شاب حليوه أفندي) إسمه باراك حسين أوباما, أطول مني بقليل ,لكن سمرته تفوق سمرتي بكثير فأنا سومري ناحل, وهو متجذر من ضواحي نيروبي في كينيا. لكني أفوقه وزنا .وربما يعود ذلك لطبيعة الطعام في العراق, مع إن الأمريكيين مشهورون بتناول الدسم من الأكلات, غير إن ذلك لا ينطبق بالضرورة على غير الأمريكيين من أصول أوربية .

شبيهي الجبان الذي إحتفلت بفوزه مصادفة في مكان من بغداد يلاحقني كظلي, فإذا رأتني أمريكية شقراء صاحت بدهشة: (mr president). وإذا خرجت على التلفاز ناداني البعض (هلو أوباما), أو (أوباما العراق)..لكن الظل ليس كصاحبه فأنا أبتعد عنه بكثير, هو نجح في البداية حين عبر عن ثورته في مواجهة العنصرية التي طبعت الحياة الأمريكية لعقود ووضع حدا لغطرسة الجمهوريين وسياساتهم الخرقاء في الداخل والخارج, وكان مبهرا في أدائه وفي , خطاباته ,وخالطني شعور بالبهجة حين وقفت الى جانب السيارة الليموزين على شواطئ الأطلسي ,أو حين تنقلت في أنحاء المنتجع بصحبة سائق زنجي كان يوزع الإبتسامات, وحين وقفت على بعد عشرات الأمتار من الغرفة البيضاوية التي تشهد في الغالب حميمية بين شبيهي وزوجته أم البنات ميشيل..

كنت أعرف إن شبيهي سيسقط في أول إختبار يواجهه داخل الدائرة المنحوسة (الصراع العربي الإسرائيلي) ,وإنه سيتراجع أمام التحدي الذي يمثله العنت الصهيوني, وجماعات الضغط اليهودية في أمريكا وفي خارجها .النزال كان على حلبة الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك ,وكان شبيهي ينظر للحظة الى وجه وعيني نتنياهو المتوعدة, وفي أخرى الى وجه محمود عباس الساكن والمتوسل, ومن تعود القوة لا يرهب السكون. كان الفوز حليفا للسيد بيبي الصهيوني الوقح ,ففي كلمته امام رؤساء وزعماء الكون رفض أوباما الذهاب الى مجلس الأمن لمناقشة الطلب الفلسطيني الذي قدمه (أبو مازن) الى الأمين العام للمنظمة الدولية (بان كي مون) بطلب العضوية ولو بصفة مراقب كما يقترح الفرنسيون,وظل على عهده يطلب الى المتنازعين الجلوس الى طاولة المفاوضات رغم معرفته المسبقة بحتمية فشلها ما دام الطرف الإسرائيلي لا يجد في الساحة سواه ويرى الفلسطينيين مجرد أشباح تحاول الظهور من جديد على أرض الميعاد.

يمكن لشبيهي أن يفوز بدورة ثانية حيث يتسنى لميشيل أن تستخدم غرف البيت الأبيض .ولوالدتها من شيكاغو أن ترعى البنتين حتى يحين موعد الصداقات, لكن ذلك لن يوفر الفرصة له ليغادر الساحة التي دخلها زعماء أمريكا السابقون جميعهم حين إنحازوا للظلم على حساب شعب مشرد منذ العام 1948 وحتى اللحظة ,وتكاد قضيته تتحول الى مجرد أوراق موضوعة على الرفوف كالقضايا التي يكون فيها القاتل مجهولا, أو كالأوراق التي تمنح لذوي المتوفى بعد سنوات لإنجاز معاملة ما .

الرئيس الأمريكي يتحول من باراك حسين أوباما الى مجرد شبيه جبان .. يا خسارة يا أوباما .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى