مدير جامعة القصيم
[/COLOR][/ALIGN]
كان يوماً مليئاً بالأسى والحزن ، ذلك اليوم الذي نعى فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز –يحفظه الله- ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز -يرحمه الله- فجر يوم السبت 24/11/1432هـ .
لقد كان وقع النبأ على نفوس الأمتين العربية والإسلامية شديداً لأنها فقدت واحداً من رجالاتها الكبار الذين كانت لهم اليد الطولى في سبيل خدمة المسلمين وقضاياهم في الداخل والخارج ، لقد كان – رحمه الله – ذا سمات شخصية قلّ أن تجتمع في رجل أو تتهيأ لشخص وذلك إذ جمع بين صفات سلطان الإنسان الودود وسمات سلطان القيادي المحنك.
إن من أهم المعالم الشخصية التي يكاد يجمع عليها من عرف سلطان الخير من قرب أو رآه من بعد ابتسامة الوجه وإشراقه النفس وحلاوة الروح ونداوة اللسان وسماحة اليد ، لقد كان مثالاً للأمير الإنسان وأنموذجاَ للرجل الجَلدْ الصبور الذي يحمل المهمات الجسام فلا يظهر ذلك على قسمات وجهه ويتبوأ المناصب الكبار فلا يبدو ذلك على محياه آتاه الله طلاقة الوجه التي حببت العالم فيه وسماحة اليد التي أدهشت محبيه فكان بحقٍ مصداقاً لقول الأول:
[ALIGN=CENTER][COLOR=crimson]تعود بسط الكف حتى لو انه …. ثناها لقبض لم تجبه أنامله[/COLOR][/ALIGN]أما شخصيته القيادية فلا يتمعن أحد سيرته إلا ويعرف أنه رجل المهمات وقائد المبادرات كيف لا وهو الذي كان منذ نعومة أظفاره حاملاً لهم المسؤولية متقلداً المناصب العليّة وذلك مذ كان أميراً على عاصمة الدولة السعودية الرياض وعمره لم يتجاوز تسعة عشر عاماً برؤية ثاقبة من الملك الملهم عبد العزيز -طيب الله ثراه- ثم تدرج في المناصب غير هياب ولا وجل فتقلد الوزارات من الزراعة إلى المواصلات إلى أن صار وزيراً للدفاع والطيران ثم النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وتوّجت جهوده بأن صار ولياً للعهد عام 1426هـ كل ذلك وشخصيته القيادية لم تطمس شخصيته الإنسانية ، فقد ظل وجهه بساماً ويده ندية ولسانه عذباً رغم كل المهام الجسام التي ينوء بحملها الرجال .
لقد ظل طيلة حياته وفياً لأعمال الخير سباقاً إلى البر راعياً للعلم حتى صار اسمه عنواناً للصدقة الجارية والإحسان إلى الناس ومن يتصفح مجالات الخير التي ينفق عليها ويرعاها يجدها تتوزع مابين الجمعيات الخيرية في الداخل والخارج والمستشفيات الصحية التي تقدم خدماتها للمحتاجين والمعوزين والبرامج البحثية التي تدعم العلماء والباحثين ويضاف إليها جبره لعثرات المعوزين وإنفاقه على الفقراء والمساكين وعنايته بالمرضى والمعاقين وكل هذا سجل حافل لا ينشط لتبنيه إلا رجل عرف أن جزاء المنفقين عظيم وأجر الباذلين كبير ، وأن الآخرة خير من الأولى ، وأن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، وأن وراء تلك الأعمال قلوب تفيض عليه بالمحبة، وألسنة تلهج له بالدعاء، وأناس يحفظون له الود في أقاصي المشارق والمغارب يدعون له بالأجر والمثوبة .
كل ذلك جعل الأمير سلطان يرحمه الله يبني أعماله الخيرية وفق منظومة من المؤسسات التي تمتلك صفة الديمومة وسمة التنظيم فنشأت وفقا لذلك عدد من المؤسسات الخيرية منها مؤسسة سلطان بن عبد العزيز آل سعود الخيرية ، ولجنة الأمير سلطان بن عبد العزيز للإغاثة وجائزة الأمير سلطان بن عبدالعزيز العالمية للمياه وغيرها كثير.
إن مقام التأبين لشخصية عظيمة كشخصية سلطان القلوب لمما يُحزن القلب ويدمع العين غير أننا لا نقول إلا ما يرضي الرب ولا نتمثل في هذا المقام الجلل إلا بقول الحق سبحانه وتعالى ” إنا لله وإنا إليه راجعون” ثم تسلو النفس بتذكر قول الأول
[ALIGN=CENTER][COLOR=crimson]النفس تحزن والدنيا مفجعة …… من ذا الذي لم يجرع مرة حزناً[/COLOR][/ALIGN] اللهم يا من شملت العالم بلطفك وتكرمت عليهم بحلمك وآنستهم بحبك ، نسألك أن تشمل عبدك سلطان بن عبدالعزيز بالرحمة وتتولاه بالرفق وتسعه بالغفران وتسكنه الجنان إنك أنت الكريم الرحمن .